السبت, يوليو 27, 2024
أرشيففن

الإسكندرية صيفاً الفرق بين مسارح الإسفاف والمسارح الجادة

شارك المقال

العدد الماضى ذكرت ما حل بالإسكندرية من ضياع وغلق مسارحها سواء من القطاع الخاص أو العام، ثم عودة الروح لبعض مسارح الدولة ولكن مع الأسف بعد التطوير تظل موصدة أبوابها غالبية مواسم العام وأهمها موسم الصيف حتى لا نجد مكاناً نعرف أولادنا وأجيالنا فيه ما هو مسرح إلا مسرح نجم؟!


نعم مسرح نجم يا سادة، فقد قررت الذهاب إليه مراهنة على اسم الكبير صاحب التاريخ الفنى والنضال أحمد راتب الذى تتصدر صورته أفيش المسرحية فى كل الثغر «الأونطجى» على مسرح ذلك المقاول الذى أطلق اسمه مكان مسرح إسماعيل يس، لأنها دخلت  بأسرتى وابنى الصغير الذى لم أكن أعلم أنى سأغتال براءته واسمعه بيدى ومالى ما يجعله «…» كنت معتقدة أن نجم ربما راجع نفسه بعد كل هذا العمر ورغم تحذيرات من حولى بعدم الدخول.


شعرت أنها إهانة وقلة قيمة، المهم دخلت بداية من قطع التذاكر وإعطاء شعور أن الصفوف الأولى محجوزة ولما تكتشف العاملة أن الزبون يريد الحجز بالصف الأول تكشف عن المفاجأة بأن تلك الصفوف غير محجوزة واتفضل اختار الكراسى التى تعجبك وتدخل المسرح الذى بالطبع لم يبدأ فى وقته بعد نصف ساعة ويظهر أحمد راتب، المهم يا سادة إسفاف وألفاظ بذيئة وقص ولزق من كل مسرحيات نجم السابقة راجل لابس واحدة ست وهبل وفقدان ذاكرة ووصلة كاملة عن المؤخرة وغازات البطن بالمزيكا وفى نهاية كل مشهد يقول: خذوا بالكم من عيالكم «يا ظالم من عيالنا» وإحنا اللى جبناهم للإسفاف بإيدينا، المهم يا سادة كنت متأففة وقرفانة وقررت أن أدخل بعد إنهاء العرض لـ«أحمد راتب» ليه عمل فى تاريخه كدا وليه قبل على نفسه هذه المهانة وليه وليه لقيت مقابلة الفنان بعشرة جنيه كويس دفعت ودخلت أستاذ أحمد أنا حزينة لوضعك هذا ولتاريخك.. وقبل أن أكمل وجدته يصرخ فى وجهى بقولك إيه اتفضلى أخرجى إنتى مش شايفة الناس كانت مبسوطة إزاى «الجمهور كله عايز كده»..


لم أكن أتخيل أنه هو أحمد راتب الذى لاحق عادل إمام طوال سنوات فى المسرح والتليفزيون، هل هذا أحمد راتب الذى عرض عشر سنوات مع الزعيم مسرحية الزعيم بكل فخامتها ونجاحاتها، هل هذا هو المناضل أحمد راتب الذى رفض حتى مجرد سماع كلمة عتاب من أحد جمهوره وأحب أن أقول إن الجمهور مش عايز كده أبداً، اذهب واسمع وشاهد على الحجار والجمهور يتزين بأبهى حلة ويستمتع بأغانيه على بعد أمتار قليلة منك والمسرح كامل العدد فى الهواء الطلق فى عز أغسطس والرطوبة، شوف حفلات عمر خيرت وهانى شاكر، خد نفسك واذهب لمسرح سيد درويش ولا أقولك اذهب لمسرح الأطفال فى ظهر مسرحك وانظر للأطفال وأسرهم وهم ذاهبون بكل سعادة لمشاهدة عرض أطفال بسيط وهادف وتذكرته «10 ، 15 ، 25 جنيهاً».


عموما المبادئ لا تتجزأ وضاع هذا العرض ربما راهنوا أن تلك المسرحية لن يتم تصويرها وعرضها تليفزيونيا، لماذا يقبل المشاركون فى العرض أن يكونوا مثل الكرة الشراب يتلقفهم نجم وابنه يعملوا عليهم قفشات تضحك الناس, الحكاية ليست مجرد نكات وقفشات لمجرد إضحاك الناس، المسرح حكاية أخرى تماماً.


على أية حال أنا حزينة على نجوم العرض ولم أتخيل يوما ما أن أراهم بهذه الحالة وهذا الوضع هو ليس وضع مجتمع أنتم جزء فيه وإنما أحوال بشر لما يطلع نجم وأنتم مسندينه يعمل العرض بأن يقوم بتقبيل عيلة من سن عياله وبوس وألفاظ وليس تلميحات تبقى إيه هو إحنا لسه فى زمن اللحم الأبيض والجمهور عايز كدا، «هذه البضاعة عفى عليها الزمن حتى أن مجموعة قنوات حاولت التعاقد مع نجم من بين مجموعة من نجوم مسرح مثل سمير غانم لتقديم عروض مسرحية مسجلة أوقفت التعاقد لأن ليس لديه شىء يقدمه سوى «…».


تجربة محترمة


ألم تشاهدوا تجربة أشرف عبدالباقى فى مسرح مصر والشباب الذين تم تقديمهم ليكونوا فى عام واحد نجوم سينما وشباك تذاكر وأبطال مسلسلات رمضان ليسوا فقط مشاركين بل أبطال مسلسلات كاملة: مصطفى خاطر وعلى ربيع ومين ومين كلهم بلا استثناء وقدموا مسرحا ولا أروع ضحك وكوميديا وقصة وهدف وظهر أشرف عبدالباقى فى ثوب الأب الروحى المنقذ لمسرح مصر الذى أعاد الجمهور له وأعاد نجوم المسرح لتقديم عروضه، أشرف عبدالباقى أحد تلاميذك يا أستاذ أحمد يا راتب.


هل تعلموا أن مسرح أشرف عبدالباقى كامل العدد لشهرين قادمين وهل تعلم أن كل المصريين المحبين لمسرح أشرف عبدالباقى يأتون من كل المحافظات لحضور عروضه، وهل تعلم أن الأثرياء العرب يحضرون بالطائرات ويعملون رحلات على هامش حضور مسرح أشرف عبدالباقى، لتكون التجربة الجديدة بعد تجارب الراقصات الشهيرات بأعمالهن المسفة وعروضهن الهابطة التى لم تلق أى رواج.
ويأتى السؤال: أين الرقابة على المصنفات الفنية، أين الحفاظ على الذوق والطابع حتى نصف المحترم، كيف ولماذا ومن أعطى تصريحا لنجم بتقديم ذلك العرض الذى هو اسم على مسمى «الأونطجى» عرض لمدرس لغة عربية مفترض هو الأستاذ أحمد راتب فتاتان بيجروا وراه تخيلوا وهو ذو السبعين ربيعا، مسرح نجم بقا وهو يحاول أن يتزوج أكثرهن مالا مقارنا بين زميلته المدرسة للغة الإنجليزية التى تعطى دروسا وبين شقيقة صاحب المدرسة الخاصة التى يعمل بها والذى أعطاه شرطا للزواج بشقيقته وهو أن يتزوج أخوه من شقيقة أخت راتب وتدور الأحداث المهينة من وصلات نجم وابنه ما بين قص ولصق من عروض مسرحية قديمة له وشتيمة يا ابن … وابن … وألفاظ وسباب تخجل من كتابتها وهى التى لا تسمعها إلا من أطفال الشوارع والله كمان الألفاظ دى لا يمكن أن تسمعها إلا من …
وفى النهاية تردد على المسرح يا نجم خافوا على عيالكم وربوهم يا أخى… ويا مصر ما الدنيا إلا سلف ودين وما المسرح إلا دنيا صغيرة.

شهيرة النجار

Welcome to حكايات شهيرة النجار

Install
×