هو الإمام العارف بالله شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عمر بن على الخزرجي الأنصاري المرسي. يتصل نسبه بالصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري سيد الخزرج على عهد رسول الله ﷺ وصاحب سقيفه بني ساعدة التي تمت فيها بيعة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، وكان جده الأعلي قيس بن سعد أميراً على مصر من قبل الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 36 هـ. ولد رضي الله عنه بمدينة مرسية بالأندلس سنة 616 هـ وتعلم بها أصول الفقه والقراءة والكتابة وكان والده من تجار مرسيه فشاركه معه فى تجارته.
ولما كانت سنة 640 هـ التزم والده الحج إلي بيت الله الحرام فصحب معه ولديه وأمهما فاطمة بنت الشيخ عبد الرحمن المالقي فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتى إذا كانوا على مقربة من شاطئ تونس هبت ريح عاصف أغرقت المركب بمن فيها غير أن عناية الله تعالي أدركت أبي العباس المرسي وأخاه فأنجاهما الله تعالي من الغرق فقصدا تونس واتخذاها داراً لهما.
قال رضي الله عنه: لما نزلت بتونس وكنت أتيت من مرسية وأنا إذ ذاك الشاب سمعت بالشيخ الحسن الشاذلي فقال لي رجل نمضي إليه فقلت: حتى استخير الله فنمت تلك الليلة فرأيت كأني أصعد إلي رأس جبل فلما علوت فوقه رأيت هناك رجلاً عليه برنس أخضر وهو جالس وعن يمينه رجل وعن يساره رجل فنظرت إليه فقال عثرت علي خليفة الزمان قال: فانتبهت فلما كان بعد صلاة الصبح جاءني الرجل الذي دعاني إلي زيارة الشيخ فسرت معه فلما دخلنا عليه رأيته بالصفة التي رأيته بها فوق الجبل فدهشت فقال لي عثرت علي خليفة الزمان. ما أسماه؟ نذكرت له أسمي ونسبي فقال لي رفعت إلي منذ عشر سنين ومن يومها وهو يلازم الشيخ لها أبا الحسن الشاذلي ورحل معه إلي مصر.
قال رضي الله عنه: كنت مع الشيخ فى السفر ونحن قاصدون الإسكندرية حين مجيلنا من المغرب فأخذني ضيق شديد حتى ضعفت عن حمله، فأتيت الشيخ أبا الحسن فلما أحس بي قال أحمد؟ قلت نعم يا سيدي قال آدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته ثن نزل به إلي الأرض ليكمله، ولقد أنزله إلي الأرض قبل أن يخلقه بقوله (إني جاعل في الأرض خليفة) ما قال في السماء ولا في الجنة فكان نزوله إلي الأرض نزول كرامة لا نزول إهانة فإنه كان يعبد الله في الجنة بالتعريف فأنزله إلي الأرض ليعبده بالتكليف فلما توفرت فيه العبوديتان استحق أن يكون خليفه، وأنت أيضاً لك قسط من آدم كانت بدايتك في السماء الروح في جنة التعريف فأنزلت إلي الأرض النفس تعبده بالتكليف. فإذا توفرت فيك العبوديتان ستحققت أن تكون خليفه. قال الشيخ أبو العباس: فما انتهي الشيخ من هذه العبارة حتى شرح الله صدري وأذهب عني ما كنت أجد من الضيق والوسواس، ولما حضرت شيخة أبا الحسن الشاذلي الوفاة جعله خليفة من بعده، فأقام رضي الله عنه بالإسكندرية ثلاثا وأربعين سنة ينشر أعلم، ويهذب النفوس، ويربي المريدين. ومن شعره الذي أرسله إلي أبي عبد الله جمال الدين بحثه علي التمسك بالفضائل:
وإذا أردت من السلوك أجله فالزهد في الدنيا مع السمت الحسن
واعبد إلهك حيث كنت على الرضا تحظي بما قد ناله أهل المنن
أهل الولاية والهداية والتقي هم سادتي فيهم أصول علي الزمن
ومن كراماته أنه كان يقول: لي أربعون سنة ما حجبت عن رسول الله ﷺ ولن حجبت عنه طرفة عين طرفة عين ما عددت نفسي من جملة المسلمين. توفي رضي الله عنه فى الخامس والعشرون من شهر ذي القعدة سنة 685 هـ ودفن معه نجلاه الشيخ جمال الدين محمد والشيخ أبو العباس أحمد ومسجده الذي بني على قبره بحي رأس التين وهو معروف ويزار بميدان المساجد.
شهيرة النجار
and then