ارسل لي صديق السطور التاليه
قلت له من كتب تلك المقطوعة الرائعة؟
قال شيخ من بحري بالإسكندرية
في جامع اسمه الشيخ قدري أحمد
قلت له سأنشرها فوراً باسمه
حتي يعلم الجهال والمتشدقون
ومن بيدهم أمور المساجد
ماهو دور الجامع
وحتي يعرفوا انه يوجد لدينا شباب دعاه لم تلوثهم سطحية …
كتب الشيخ قدري بارك الله له
قطعتُ خطبة الجمعة لأمنع رجلًا من إخراج بعض الأطفال من المسجد؛ وأغلقت الموضوع الذي كنت أتحدث فيه، وحولت الخطبة إلى حديث عن دور المسجد في حياة الأطفال …
وقلت: إن تسمية المسجد بدار العبادة ليست من الإسلام في شيء، ومن كوارث هذا الزمن أن الناس ظنت المسجد بيت للعبادة وفقط، وله مواعيد لفتحه وغلقه، ويجب عليك كذا وممنوع عليك كذا … وهذا كله بعيدٌ عن مفهوم المسجد في الإسلام، فإن هدف بناء المساجد في الإسلام ليس الصلاة فحسب؛ ولو كانت المساجد تبنى للصلاة فقط لم يكن هناك حاجة لبنائها أصلا لأنه من المعلوم في الشريعة أن الأرض كلها مسجد وطهور فبإمكاننا الصلاة في أي مكان …
وإنما المساجد تبنى لبناء الإنسان ولتكون مكانًا لكل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم، فالمسجد في الإسلام ليس مؤسسة دينية فقط؛ لكن لأغراض سياسية وغيرها تم إقناع الناس أن المسجد اسمه “دار عبادة”، وهذا مصطلح علماني ليفرغ المسجد من دوره في بناء الأمة ويفصله عن شؤون الحياة ويجعله مكان للصلاة وفقط، وهذا لا يتفق مع المفهوم الإسلامي للمسجد.
المسجد يا سادة يُعرف بالجامع لأنه يجمع في داخله كل نشاط يمكن أن تتخيله، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه في المسجد، وكان يمازح أصحابه في المسجد، وكان الصبية يلعبون في المسجد، وكان الحبشة يلعبون التحطيب في المسجد وهم رجال كبار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشاهدهم!
أما عن الأطفال فقد كان رسول الله – صلى عليه وسلم – يصلي بالناس وهو يحمل أمامة حفيدته على كتفه فإذا سجد وضعها فإذا قام حملها، وفي إحدى المرات جاء الحسن أو الحسين حفيدا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فركب على ظهره وهو يصلي بالناس؛ فأطال رسول الله السجود فلما قضيت الصلاة قال الناس: يا رسول الله أطلت السجود حتى ظننا أنك قد قبضت! فأخبرهم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أنه أطال سجوده حتى لا يزعج الطفل الراكب على ظهره، بل تخيلوا أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يومًا في الصلاة ثم سمع بكاء صبي مع أمه في الخلف فخفف من صلاته رحمة بالصبي !
كل هذه المواقف ثم يأتي إنسان ليحاول إخراج الأطفال من المسجد؟! بحجة أنهم يلعبون، وما المشكلة في لعبهم؟! ألم تكن يومًا طفلًا في عمرهم تلعب مثلهم؟!
نعم لا شك أنه على الأهل توعية الأطفال وتعليمهم لكن في النهاية هم أطفال غير مكلفين شرعًا، رب العالمين لا يحاسبهم على أخطائهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم عاملهم بهذه الرحمة ثم تريد أن تحاسبهم أنت؟ اتركوهم في بيت الله الذي ليس ببيتكم لتتحكموا فيمن يدخله ومن لا يدخله، وكأنكم أصحاب البيت أو وكلاء عن صاحبه تحددون لرواد بيته شروطًا لدخوله!
علم النفس يخبرنا أن مواقف الطفولة ترسخ في عقول البشر طوال حياتهم، فهؤلاء الأطفال الذين تخرجونهم من المسجد اليوم لا ينسوا أبدًا هذا الموقف؛ هؤلاء هم شباب وفتيات الغد، هذا الطفل هو الذي سيتقدم لابنتك غدًا، وهذه الطفلة هي التي سيتزوجها ابنك مستقبلًا؛ هؤلاء هم الذين ستشتكون بعد عدة سنوات أنهم بعيدون عن دينهم وطبيعي أن يبتدعوا وقد أغلقتم في وجههم باب بيت خالقهم!
وأما حجة أن الطفل يمنع المصلين من الخشوع فهي في الحقيقة حجة مضحكة، وكأن الناس بطبيعتهم خاشعون قانتون لا يسرحون أبدًا في صلاتهم ولا يغفلون عنها حتى جاء هذا الطفل فأفسد عليهم خشوعهم!
ومع ذلك إن كان الأطفال يسببون لك كل هذا الإزعاج خصصوا لهم منطقة للأطفال في مؤخرة المسجد ليلعبوا فيها دون أن يزعجوك ولا تزعجهم.!
الأطفال هم مستقبل هذه الأمة وتحبيبهم في المساجد مقدمٌ على خشوعك المزعوم، فخشوعك سيفيدك وحدك أما تحبيب أطفال المسلمين في المساجد فيفيد الأمة كلها، ومصلحة الأمة مقدمة على مصلحتك!
اللهم احفظ بناتنا وأبناءنا بعينك التي لا تنام وأنبتهم نباتا حسنا……
شهيرة النجار