قرأت وتابعت الخبر المنشور بشأن المأذون الذي يطالب الناس بتعجيل عقد القرآن مستندا لحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم وهو
ما من عام إلا والعام الذي بعده أشر منه إلى يوم القيامة
والحقيقة لم أقرأ ه من قبل
واعتقدت أنه حديث موضوع أي ليس حقيقي
ولكن وجدت أنه حديث صحيح ولكن ليس المعني منه ما قصده المأذون الذي يستحق أغلط عقوبة أنه الغرض منه تخويف البشر كما استغل ذلك الرجل هذا الحديث وطوعه لغرض في نفسه وإنما بالبحث والتحري في كتب السنة وجدت التالي:
أما حديث لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، فهو حديث صحيح، رواه البخاري في الصحيح عن أنس أن النبي ﷺ قال: لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم وفي لفظ آخر قال: لا يكون عام خير من عام، ولا أمير خير من أمير، ولكن ذهاب علمائكم وخياركم، ثم يحدث أقوام يقيسون الأمور بآرائهم؛ فيهدم الإسلام ويثلم.
وهذا هو الواقع، فكلما تقدم الزمان، وتأخر عهد النبوة؛ قل العلم، وكثر الجهل، كما هو الحال اليوم في القرن الخامس عشر، والرابع عشر الماضي، فإن العلم قد قل كثيرًا، والجهل قد انتشر في غالب البلدان، فقل أن تجد بلدًا فيها العلماء الذين يكفون لحاجة البلاد، ويشار إليهم بالعلم، والفضل، والاستقامة، فالمصيبة عظيمة.
ولكن ليس معناه أن الزمان دائمًا يكون شرًّا مما قبله .. لا هذا وصف أغلبي، وقد يقع في بعض الزمان في بعض الأوقات في جهة من الجهات ما يكون حال أهلها أحسن من حالهم الأولى في بعض الأحيان.
كما وقع في عهد عمر بن عبدالعزيز الخليفة الراشد، فإن المسلمين قد حصل لهم بولايته خير عظيم، وكان الحال في زمانه أحسن من حال من قبله، كزمن الوليد وأخيه سليمان، كان زمان عمر بن عبدالعزيز أحسن بكثير في إقامة العدل وتحكيم الشريعة، وهذا يدل على أن قوله ﷺ: لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه يعني وصف أغلبي ليس بوصف عام ليس فيه استثناء، بل وصف أغلبي.
قال بعض أهل العلم في مثل هذا: إنه بالنسبة إلى عموم الزمان لا بالنسبة إلى الأمكنة، فقد يكون مثلاً حال دمشق المدينة الرياض أهل بغداد في وقت متأخر أحسن من حالها في وقت متقدم، ولكن المراد العموم يعني عموم الدنيا، كل زمان أدنى من الذي قبله بعموم الدنيا، لكن قد يكون في بعض الأمكنة بالنسبة إلى بعض الناس حالهم أحسن من الذي قبل، كما جرى في أماكن كثيرة ظهرت فيها البدع، ثم جاء صاحب سنة فدعا إلى الله، وأقام العدل، وأقام السنة، ونهى عن البدعة؛ فصار حالهم أحسن من ذي قبل.
وكما جرى في الجزيرة العربية، فإنه حصل فيها من الشرك والبدع والخرافات في القرن الحادي عشر وما قبله شيء كثير، فجاء الله بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمة الله عليه- فدعا إلى الله في الجزيرة، وفي نفس نجد، دعا إلى الله جل وعلا وأقام السنة، ونهى عن البدعة، ونصره آل سعود؛ فصار حال نجد أحسن كثيرًا من حالها قبل ذلك؛ بسبب الدعوة الإسلامية، وبسبب إنكار البدع، والشرك، وبسبب تحكيم الشريعة، هذا أمر معلوم واضح واقع.
وهكذا في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية في دمشق وفي مصر، وفي زمن ابن القيم وابن كثير حال زمان ذلك أحسن من الزمان الذي قبله؛ بسبب دعاة الحق، وظهور السنة وقمع البدعة، والله المستعان.
شهيرة النجار