السبت, يوليو 27, 2024
دفتر احوال مجتمع مصر

عرس في المقابر سميته يحي ليحيا

شارك المقال

وسميتهُ يحيى ليحيا، فلمْ يكنْ
لردِّ قضاء الله فيه سبيلُ
تيمنتُ فيه الفألَ لما رُزقتهُ
ولم أدر أنَّ الفألَ فيه نبيلُ
من أشهر ما كتب في الشعر العربي في العصر العباسي

أحيانا مع تداخل المشاعر وتدفقها أتوقف عن الكتابة لحين ترتيب المقدمة
هنا لا أعرف من أين أبدأ ؟
وكيف أبدأ ؟
ممكن كل يوم نسمع عن حوادث علي الطرق يذهب ضحيتها شباب بل أسر كاملة ومن كثرة ما نقرأ ونتابعه يحدث نوع من التبلد وتكون الكلمة المعتادة الله يرحمهم
كل عام يحصد طريق الساحل أرواحا
ولكن من يتابع يلحظ إن كل عام حادثة مروعة يروح ضحيتها أحدٍ الشباب أو الفتيات في ريعان الشباب
كان القدر وكلمة الله قد اختارت شابا وسبحان الله قد التقيته منذ ثلاث أسابيع تقريبا
الحادث كان قبل ليلة أمس راح ضحيته الخلوق يحي صالح خميس بيصار أو كما نناديه خميس فيوليت

خميس فيوليت

يحي مع والده صالح منذ اسبوعان في افتتاح المحل الجديد

الجد خميس فيوليت يعرفه القاصي والداني منذ خمسون عاماً وأكثر بالإسكندرية
سيد الورود الأول بلا منازع
سيد البهجة.
صاحب أشهر وأرقي محلات بيع الزهور لكبار الإسكندرية
يعرف أسرها العظيمة اسما اسما قاموس من المعرفة لا يخطىء في اسم وتسلسل اي عائلة ولا عنوانها
أقام أفراحهم وأفراح أولادهم وأحفادهم
هو القاسم المشترك للفرحة خطوبة فيوليت
زفاف فيوليت
نجاح فيوليت
زيارة فيوليت
عيد الأم فيوليت
شم النسيم فيوليت
الكريسماس فيوليت

ندوات ومؤتمرات فيوليت
سفراء
وزراء فيوليت

كون خميس ومن بعده ومعه نجليه صالح وكريم شبكة من علاقات الحب المنسوجة بالود والتواضع
كبرت تجارتهم
ربحت بضاعتهم بالمحبة
أناس توزع الابتسامة علي الوجه قبل أن توزع وتنسق الورود فتعيد تنسيق نفسية زبونها بالكلمات الطيبة
تري الجد جالساً علي باب محله القديم في شارع فؤاد كأنما هو حارس المدينة ومالك الدنيا كل من يمر ويسلم عليه يهديه أجمل ما عنده من ورود نادرة
أدخل لمصر أنواعا نادرة جديدة ودرس وتخصص ليصبح جامعة متكالمة لا يضاهيه أساتذة كليات زراعة مصر قسم الزهور بأكملهم يعرف كل شيء عن أحدث شيء في علم الزهور من الهند لأوروبا
جالس الملوك والرؤساء
دخل قصر الملك فاروق ونسق زهوره
ودخل يخته من جد لجد حتي أصبح آل بيصار حكام القلوب لإسكندرية وجبرتي الحياة والمجتمع في قرن كامل بلا مبالغة
لك أن تتخيل هذا الرصيد من نسيج المحبة في قلوب كل أهل إسكندرية لهذه العائلة التي حجزت لنفسها مكاناً في قلوبهم صغاراً وكبارا
شبابا وبناتا
سيدات ورجال
في كل بقعة ذكرهم وورودهم منثورة فتشع المحبة
ليكون يوم جنازة الحفيد الشاب الذي ورث المحبة وكسب القلوب عن والده عن جده يوماً مهيبا لم أشهده طوال عمري
فقد حضرت جنازات غفيرة
ولكن ما رأيته في مقابر المنارة يشيب له الولدان
آلاف من الرجال والنساء والشباب والفتيات حتي عمال نادي اسبورتنج البسطاء واقفين علي مشاهد القبور حول مقبرة الشاب يحي في عز الشمس الحارقه والرطوبة العالية والمشهد المهيب وهم متسمرون في أماكنهم يتوافدون حتي بعد الدفن بساعات يدعون ويبكون لتنتهي مشاهد الدفن مع أذان العصر والتي بدأت بعد صلاة الجمعة مباشرة
طوابير البشر

عائلة الإسكندرية الأولي بلا منازع


أثبتت إن رجل الإسكندرية الأول
هم آل فيوليت كما نناديهم
إسكندرية بها تايكونات الصناعة
التجارة
عائلات السياسة والمال
شيوخ العمل الإجتماعي
مر عليها وللآن عائلات كبري بانسابهم وتجاراتهم وشهرتهم وتداخل النسب والمصالح وكونوا أسماء
وظهرت عائلات وتوارت أسماء آخري
وظهر للصدارة أناس
واختفي غيرهم
هي سنة الحياة علي الأرض
اجتمع الناس عليهم واختلفوا وهذا طبع الدنيا
لكن ان يجتمعوا علي حب وتقدير واحترام تلك الأسرة أبًا عن جد عن حفيد فهذا المستحيل بعينه ومن عين المستحيل
كانت معجزة الاجماع علي الحب

مفيش مجاملة في المشاعر الصادقة استفتاء شعبي

من الممكن بل الغالب أن الذين يذهبون لمراسم الدفن الأقارب والمعارف ولو المتوفي شخصية معروفة وله أعمال أو أبناء ذوي مناصب أو يأتي منهم مصالح يكون الإلحاح في الذهاب وبالبلدي يوروا نفسهم لأهل المتوفي عشان اللقطة
صدقوني الغالبية كدا
هنا بقا مع جنازة يحي ذهبوا وتوافدوا وجلسوا ونسوا الشمس الحارقة ولهيب أغسطس ولا يعنيهم إلا الدعاء لصديق ابن صديق ابن ابن رجل محب
ماذا يريدون من صالح وأسرته ؟
لا شيء جاءوا باخلاص
وانتظروا بإخلاص ومضوا بعد الدعاء بإخلاص
لا صالح الأب ولا خميس الجد أصحاب مصانع ولا ذوي مناصب ولا جاه ولا سلطان
ولكن هذا اليوم أثبت أنهم ذوي سلطان علي القلوب برصيد
زفت به الجموع عريس العائلة لمثواه الأخير ولو كان يوماً لزفافه ما حضرت هذه الآلاف من البشر
ماذا بينك وبين الله يا يحي

الشاب يحي صالح خميس بيصار

اللقاء الأول والأخير


اسمع عن يحيي دائماً من والده صالح الخلوق البشوش منذ سنوات طوال عندما أذهب لشراء الورد ونحكي عن المدارس والولاد ويحي اختار هندسة الأكاديمية قسم كذا
والبنت عايزة تصميم
منذ أسبوعان تقريباً دعاني صالح لحضور افتتاح محلهم الجديد داخل أحدٍ مولات الإسكندرية الكبيرة، وذهبت لأري يحي لأول مرة
ناداه والده تعالي سلم علي طنط شهيرة، ماشاء الله شاب لا يعظم علي خالقه كان معه صحبة كبيرة كثيرة من زملاءه وأصدقائه من الشباب والبنات من زملاء وأصدقاء المدرسة والجامعة والنادي تعرف لحظتها من هذا الجمع مدي حب زملاءه له وكيف هو بين أقرانه الواقفين بجواره
أول أمس كان الخبر الذي عرفته صدفة ولم استوعبه
سألت كيف صالح عرف بوفاة قرة عينه؟
زهرة حياته؟
لم يقولوا له إنه توفي بل طلبوه للمستشفي وقالوا حادثة وهناك في مستشفي رأس الحكمة جلسوا إليه وهيأوه للخبر الصعب
رحمة الله عليك يا عريس السماء وأنزل السكينة والرضا في قلب والديك وجدك وأهلك
هذه العائلة لم يجتمع أحدٍ بالثغر كله علي محبة أحد مثلما اجتمعوا علي محبتهم

مع الجد خميس والاب صالح يوم افتتاح الفرع الجديد منذ أسبوعان

وسميتهُ يحيى ليحيا، فلمْ يكنْ
لردِّ قضاء الله فيه سبيلُ
تيمنتُ فيه الفألَ لما رُزقتهُ
ولم أدر أنَّ الفألَ فيه نبيلُ
بيت شهير من الشعر العربي لعبيد الله بن طاهر كأنما كتب ليحي صالح

شهيرة النجار

وسوم

Welcome to حكايات شهيرة النجار

Install
×