قادتني الصدفة اليوم للقاء أعز زميلين لي بالوسط الصحفي هنا تقريباً من أتواصل معهم من هذا العالم الصحفي، لاكره ولاغيرة ولا رياء بيننا طوال حياتنا الصحفية تقربنا الدنيا وتبعدنا لكنهما لا يتغيران ولايتبدلان في الأخوة والصداقة، كان مفترض نلتقي في مقر حزب الوفد حيث أن أحدهما سكرتير الحزب بالثغر لكن تأخرت عن ميعادي فقالا لي إحنا في مقهي التجارية علي البحر في المنشية
قلت ماشي أذهب آخد كارنيه لي وامشي، فتلك المقهىي لم أدخلها منذ 20 عاماً أو أكثر، أمر عليها تقريباً كل أسبوع ولكن لا أدخلها، حيث يجلس بها الرجال فقط ونادرا ما تجلس فتاة، وكان غالبية كتاب وأدباء ومثقفي المدينة يتخذون منها مقرهم الدائم، زبائنها معروفون بالإسم مرت السنون وتحولت كل مقاهي الكورنيش لكافتيريات إلا هي ولا أعلم ماذا بداخلها وماذا طرأ عليها طوال تلك السنين
دخلت من باب الكورنيش وفي ذهني تلك الصورة القديمة لأفاجأ انني دخلت عالم أخر، ودنيا غير دنيا أهل اسكندرية تماماً بمعني الكلمة، شباب وفتيات يجلسون
أسر وعائلات كاملة، بنات في عمر الـ 17 عاماً يجلسن مع بعضهن البعض ويلعبن الطاولة، صبية ذوي زي مهندم يجلسون علي طاولة ويلعبون الدومنة في بهجة ومرح، هذه أسرة تتناول سندوتشات، المكان كبيييييير جداً في مبني عتيق بأسقف عالية من بتاعة زمان.
المكان محافظ علي شكله القديم مع شوية نظافة عالية زحام شديد بدون صوت أو هرجلة، مشروبات نظيفة جداً، والأغرب أسعار ولا في العقل أقل من 10 جنيهات للشاي والنسكافيه، أطياف مختلفة جالسة، كل واحد في حاله.
عالم أخر🌹🌹🌹
لمحت سيدة علي طاولة تلضم في سلاسل أنيقة غاية في الشياكة إقتربت منها سيدة عشرينية سألتها بتعملي أي بمئات السلاسل دي؟
ردت بعمل طلبية سلاسل نظارات هسلمها اليوم في مول كبير آوي وذكرت اسمه، قلت لها طب قاعدة هنا لي.
قالت أنا من العجمي ولازم أسلم الطلبية دي إنهاردة فمنذ أمس وأنا جالسة حتي أنهي الطلبية دي ، قلبت في السلاسل حاجه فوق الفاخرة قلت لها دي بتتباع بـ 200 جنيه الواحدة.
ضحكت ولم ترد قلت لها ممكن أشتري منك ؟
ردت ماشي بس هضطر أقعد شويا أكمل قلت لها مَش مستعجلة وأنا التي كنت أنوي أخد؟؟!! طلبي وأمشي، شيء عجيب ماهذا السحر في هذا المكان، لفيت أتفرج وأنا فاتحة بقي وألوم نفسي من داخلي كيف لم اأكتشف هذا المكان طوال هذه السنوات أي البهجه دي، رجعت تاني للسيدة أخد سلاسل النظارات أحاسبها لأفاجأ بها تقول لي جملة السلسلة 12 جنيه، أعدت عليها الأمر بتكلمي جد؟ ايوا جد، يعني تبيعيها جملة بـ 12 جنيه والمحلات تبيعها من 200 جنيه وطالع!!! إديني شويا كمان، آخدت السلاسل وأنا قاعدة أكلم نفسي مع زملائي هي لسه الدنيا حلوة كدا هنا، والناس عايشة بالبساطة دي كدا الله، شويا وبنت قمر في العشرين حاملة طفل صغير مرت بجانبنا وميلت على المنضدة سيجارة يا اخ 🙈🙈🙈
مين دي رد أحد زملائي عادي هي مش شمال لا تقلقي دي بتيجي تقعد هنا عادي وتشحت سجاير، من اللي قاعدين واللي بزود معاها الكلام هيشوف عجب
فندق ريش يا محافظة وسايبين تاريخنا كدا
وأنا جالسة أضرب عيني علي يميني أجد لافتة متهالكه غطتها الأتربة وعوامل الزمن مكتوب عليها فندق ريش، أي دا أي المكان دا؟
دا فندق ريش القديم اللي كنا بنسمع عنه زمان وإحنا صغيرين ونجيب محفوظ كتب عنه وكان بينزل فيه، دا إتصور فيه أفلام كتير جداً، دا غالبية فناني الخمسينات والستينات حتي عبد الحليم كان بينزل فيه قبل الشهرة وتقريباً غالبية مطربي ومطربات مصر في الستينات والسبعينات، ماذا دهاه والمكان خربان كدا لي، وهو ملك مين؟ ولماذا لاتهتم به محافظة إسكندرية وهيئة تنشيط السياحة.
دا لو في أمريكا كانوا حولوه لأثر خاصة، أنه في أهم شارع جانبي علي البحر بين المنشية ومحطة الرمل قلب المدينة الحقيقي ومركز إستراتيجي لا يمكن تقديره بمال!!!!!!! قعدت فاتحة بقي من الإستغراب كيف لي أمر كل يوم تقريباً ولم انتبه أيضا له، يبدو أنتي أعيد قراءة الأشياء وإكتشاف الإسكندرية الساحرة القديمة من جديد علي يمين المقهي بل في قلبها سيدة بسيطة تبيع البسكويت بكام ياحاجه بـ 2 جنيه ؟ لي بشتريه جملة!! يووه النوع دا بنشتريه بـ 5 جنيه.
ردت أنا بشتريه بجنيه وبكسب جنبه نعمة وفضل، هو لسه فيه خير وناس جميلة رغم بساطتها وفقرها كدا، لاء بقا، أنا لازم أصور الحاجات دي فيديوهات، بصراحة حرام الكنوز دي، والكتابة لا تسعفني في نقل الصورة كاملة كما أراها، أنا بجد مندهشة، كنت أعتقد أن لي مكان كلما ضقت من الدنيا أذهب له وأتمشى فيه فأعود مغسولة من همومي بل طايرة من السعادة وهو باب عشرة الموصل بين ميدان المنشية والميناء، ميناء الإسكندرية أمشي فيه وأبحلق للمباني القديمة وأكل كشري
وأدخل زنقه الستات ثم سوق النصر اشتري البسطرمة الأرمني والجبن الرومي والطحينة من عند حماده توفيق والبطيخ من شعبان حاجه فوق الفاخرة وقفص الفاكهه نمره واحد بتمن كيلو من برًا المنطقة وأرجع سعيدة منشكحة.
قهوة بلدي بستان وبنات ورجالة وآلة زمن غربية جداً
الآن أكتشف أن قهوة التجارية ماكينة زمن تعيدك لأجمل عالم لكن بتطور ايوا بتطور لأن المقهي دا كانت الستات والرجالة تجلس عليه حتي أول الثمانينات جت هوجة المد الوهابي، رجالي بس، أخر عهدي بها في آخر التسعينات، الآن بنات وولاد في مقهي بنقول عليها قهوة وشياكة ولاطفه وحاجه مفيش كدا، كل الناس فقير غني مثقف لا دا عجب.
هو عيبها الوحيد بس كمية المتسوليين الذين يقتحمون عليك قعدتك كل 5 ثواني بس برضه عاملين جو، ساسبنس لإسكندريه بتاعه زماااااااان والمصايف ياااه، لسه فيها حاجه حلوة بالأوي أوي، شكرا كريم، شكراً سيد أنكم أسعدتموني بدون قصد، وقضيت وقت في إسكندرية القديمة والتاريخ وأكتشف الحلو بالأوي إللي فيها.
وعن تاريخ القهوة التجارية
أسفل واحدة من أقدم العمارات التى شيدها مهندس إنجليزى على كورنيش الإسكندرية، يقع مقهى «البورصة التجارية الكبرى»، تأسس فى عام 1890، مساحته تتجاوز الستمائة متر، وواجهتاه، إحداهما تطل على الكورنيش، والأخرى على الشارع العمومى المؤدى لميدان سعد زغلول، حصل المقهى على اسمه من التجار الكثيرين الذين أعتادوا الجلوس عليه، وعقد الصفقات به، ورغم السنوات الطويلة التى مرت على المقهى فإن أصحابه يرفضون تغيير الديكور الخاص به حرصاً منهم على أذواق رواده الذين يفضلون طابع المكان القديم، ينقسم المقهى إلى ثلاثة أجزاء: «الأمامى» مخصص للأدباء والمثقفين وأبناء الطبقة الوسطى من الشعب، و«الأوسط» للأصدقاء وهواة تدخين الشيشة ولعب الطاولة والدومينو والكوتشينة، وأخيراً «الخلفى» للنشطاء السياسيين الذين يعقدون اجتماعاتهم به، وركن صغير للصلاة، شهد المقهى العديد من الفنانين الذين جلسوا عليه ذات يوم، على الجدران صورة للفنانة شادية مع يحيى شاهين أثناء تصويرهما لأحد الأفلام، وصورة أخرى لبعض الإنجليز أثناء جلوسهم أمام الوجهة البحرية «هكذا حدثنا عم على، أقدم عامل بالمقهى منذ 30 عاماً». يقول «على»: «إحنا لحد دلوقت مش بندخل مشروبات خارجية المقهى كل حاجة بنعملها داخل البوفيه، مش بنبيع أى حاجة مقفولة ولا حتى ميّاة معدنية». فيما يحكى عم أحمد سلامة «60 عاماً» أحد رواد المقهى الذى اعتاد دائماً الجلوس بالواجهة الأمامية: «عمرى كله قضيته على القهوة دى، لا شفت بلطجى ولا مسجل ولا حد مشتبه فيه دخلها قبل كده، زباينها معروفين». يصمت قليلاً قبل أن يضيف «حكايات القهوة وتاريخها كنا نسمعها من زوارها القدام، أيام ما كنا شباب بنقعد عليها ونتجمع حواليهم وهمّا يحكوا لنا عنها». يشير «سلامة» إلى أن المقهى لم يحدث به أى تجديدات أو ترميمات منذ القدم، وما زال محتفظاً برخامه القديم العريق وخشبه الصلب، بالرغم من قربه من الشاطئ والتغيرات المناخية التى تطرأ على المكان. وبسبب جلوس النشطاء على المقهى اعتاد ضباط أمن الدولة قبل الثورة مهاجمة المكان، كما يؤكد «سلامة»، موضحاً أن المقهى حالياً يستقبل الأشقاء العرب، كالليبيين والسوريين، ويختتم كلامه بقوله: «وانت قاعد على التجارية مش هتحس بجو بارد ولا جو حر، المكان ما فيهوش رطوبة ولا موجة حر، ودايماً فيه نسمة بتطل عليك من الكورنيش، وفى شهر رمضان بتتقفل الأبواب كلها واللى عايز يفطر بيقعد جوّة بعيد عن عنين الناس ويأكل زى ما هو عايز».
شهيرة النجار