توقفنا فى العدد السابق عند كره سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة لحفلات افتتاح الأفلام، لأنها مليئة بالضوضاء والزحام وكان لها فيها موقف فى بداياتها، فمنذ ذلك التاريخ وهى تكرهها. وتوقفنا عند رأيها فى فيلمها الغنائى مع فريد الأطرش ورأيها فى فريد ورأى فريد فى أجرها الذى كان أعلى من أجر مديحة يسرى بالفيلم الذى جمعهما، وكان اعتراض فريد أن ملابس مديحة يسرى بحكم قيامها بدور ثرية غالية الثمن فى حين أن ملابس فاتن بسيطة لأنها تقوم بدور فتاة بسيطة وهو ما جعل فاتن ترد أن هذا ليس ذنبها وإن كانت الأمور تقاس بهذا المقياس والمعيار لكانت أمور كثيرة سينمائية قد تغيرت.
فى هذا العدد نتحدث عن رأيها فى زكى رستم الذى جمعها به عدة أفلام، بدأت بعائشة التى كان عمرها وقتها (17) عاما، فهى تتحدث عن أنه كان منضبطا بشكل مخيف فلو جاءت له سيارة الاستوديو قبل ميعاده بثلاث دقائق كان يزعق فى السائق، وفى ميعاده بالضبط كان يفتح باب المنزل لا يتأخر أبدا عن ميعاده، وتروى فاتن أن أول مشهد جمعها به بفيلم «عائشة» كان من المفترض أن يضربها، وما أن بدأ المشهد حتى أدارت وجهها خوفا منه فقال لها لا تخافى بعرف أمثل.. «ووقفت أمامه أمثل المشهد وانتهى بصفعة على وجهى رجتنى وكان عمرى وقتها 17 عاما ولم أستطع الكلام وجلست خلف الديكور أبكى من غير صوت.. وهو علم بذلك فغضب أكثر وقال إزاى البنت المدلعة دى تعيط أنا لم أضربها دا كان تمثيل وهذا القلم كان فى الهواء.. وفى هذا اليوم توقف التصوير لأن خدى تورم، وبعد ذلك ذهبت أنا لكى أصالحه.. وزكى رستم فنان عظيم وحصد فيلم «عائشة» جوائز كثيرة وكانت أول جائزة لى منه بالقاهرة»
لك يوم يا ظالم أجره بعد العرض
وبعد ذلك حدثت ثورة وظهر عدد كبير من المخرجين مثل صلاح أبوسيف وعزالدين ذو الفقار وكمال الشيخ وحلمى حليم وفطين عبدالوهاب وكانوا أصدقاء مع بعضهم البعض، وكانوا يريدون تقديم أفلام جيدة، ولكن لم يكن هناك المنتج المؤمن بأفكارهم فبدءوا يفكرون فى إنتاج أفلام بأنفسهم ولم يكن لديهم وقتها أموال فكانوا يتفقون مع الممثل أن يحصل على أجره بعد عرض الفيلم، وكذلك الكاتب وأول الأفلام التى تمت بهذا الشكل فيلم (لك يوم يا ظالم)
وأتذكر أيضا – والكلام لفاتن حمامة أن فيلما قدمه عز الدين ذو الفقار اسمه (أسير الظلام) وكان عاليا جدا فنيا وتم تقديمه بأسلوب جميل، ولكن الجمهور غضب لأن الفيلم لم تكن به رقصة ولا أغنية فجاء المنتج وأصر على أن يضم له أغنية ورقصة وبالفعل وضعوا ذلك فى آخر الفيلم، لأن السينما فى ذلك الوقت هى التسلية الوحيدة، وتعلن فاتن أن أى فيلم لم يكن يعرض بالقاهرة أول مرة بل فى إحدى المحافظات مثل المنصورة أو الزقازيق لقياس مدى تجاوب الجمهور معه، وعلى أساس ذلك يتم تصحيح ما لم يعجب الجمهور قبل عرضه على جمهور القاهرة
وتعود فاتن للحديث مرة أخرى عن فيلم (لك يوم يا ظالم) الذى تقاضت أجره بعد عرضه، وقالت إنه تم عرضه فى مهرجان برلين بعد الحرب العالمية الثانية وكانت برلين مازالت تعانى آثار الدمار وكان هذا المهرجان يعد افتتاحا لبرلين وطاقة جديدة لها على العالم، والألمان كانوا سعداء جدا وحاز الفيلم على إعجاب لجنة التحكيم وقدموا لنا فازة بيضاء هدية مازلت محتفظة بها للآن وأقاموا لنا حفلا بالاستاد لنوقع للجمهور
الأستاذة فاطمة
أما فيلم الأستاذة فاطمة وهو من إخراج فطين عبدالوهاب فهو خفيف ونادر بالنسبة لحمامة وعلى حد قولها ساعدها فى تقديمه ديالوج خفيف وقوى وطبيعى وتم التصوير باستوديو جلال وكان الاستوديو يجاورهم فيه بلاتوه آخر تصور فيه ممثلة أخرى فيلما يقال إن هناك تسابقا بيننا (لاحظوا لم تذكر اسم الممثلة ولا حتى كلمة خدش لها واستخدام كلمة تسابقا لاحظوا الأخلاق الفنية الراقية التى غابت الآن من الساحة). تستطرد فاتن كلامها عن ذلك وتقول: فى أحد الأيام كان أحد الفساتين منزوعا منه جزء فقلت للخياطة التى معى هناك فئران بالاستوديو فقالت لا فهذا الفستان تم قصه بمقص وليس فأراً.. وتكلمت عما حدث فى الاستوديو فقالوا لى ربما ما حدث يكون (سحر لك) وأنا لا أصدق هذا الكلام واتجهت شكوكنا حول هذه الفنانة ففكرنا أن نروى لها ما فعلت.. ففكرنا فى فكرة شيطانية وأحضرنا حبرا أسود وخلطناه بحبر أحمر فأصبح لون الحبر غريبا ولونه أغرب وقام أحد العاملين بسكب الحبر فى حجرة الفنانة وبعد لحظات وجدنا الفنانة تصرخ وتقول فاتن حمامة بتعمل لى أعمال سحرية بتسحر لى
ورفضت فاتن أن تذكر اسم الفنانة وأعتقد والله أعلم أن تلك هى راقية إبراهيم قبل هروبها من مصر لأن راقية إبراهيم كانت تشن حربا كبيرة على فاتن حمامة وقتها ومن عجائب القدر أن أول أدوار فاتن بعد عودتها من مرحلة الطفولة كان أمام راقية إبراهيم فى دور شقيقتها فى فيلم «رصاصة فى القلب» ثم فيلمها وهى ذات (16) عاما بطولة راقية وإنتاج وبطولة وإخراج يوسف وهبى
نجيب الريحانى وأنور وجدى
تقول فاتن حمامة إنها مع الأسف لم تلحق بالعمل مع الريحانى ولكن شاهدته على المسرح، كان رجلا عظيما ومبهرا وكان من المفترض أن أحمد سالم مدير استوديو مصر الذى عمل ممثلا ومخرجا يعد لها عملا أمام الريحانى ولكن للأسف الفكرة لم تتحقق
وعن أنور وجدى الذى قدمت معه فاتن فيلم «قلوب الناس» من إخراج حسن الإمام قالت فاتن إنه فنان جميل ودورها كان دورا راقيا ومن أحلى الأدوار وكان الفيلم من إنتاج مارى كوينى وتم عرض الفيلم فى ١٩٥٤
موعد مع الحياة وأول إنتاج لفاتن
أما فيلم «موعد مع الحياة» فهو أول تجربة فى الإنتاج لى، تقول فاتن وقد شجعها على تلك التجربة المخرج العظيم رمسيس نجيب وقال لها إنه سيتولى كل شىء، وبالفعل تولى كل شىء إدارياً، ولم أكن أقوم إلا بتوقيع الشيكات كل أسبوع وأتذكر أن تكلفة الفيلم كلها بالدعاية كانت عشرين ألف جنيه، وبتكاليف الآن تساوى مليون جنيه وتكاليف أيامنا إحنا – لأن هذا الحوار فى التسعينيات – (10) ملايين جنيه. وكان الفيلم من إخراج عز الدين ذو الفقار وكنت على خلاف فنى معه حيث كان يريد كل شىء بنسب عالية
وكنت أنا لا أحب هذه الزيادات ولكن فى الحقيقة الفيلم خرج بشكل ممتاز من الأداء والحوار والموسيقى التصويرية والسيناريو. وكان بالفيلم شادية وشكرى سرحان وكان ميلودراما وغنيت مع شادية وأتذكر أنه أثناء تسجيل الاغنية راح صوتى من شدة الخوف وكان الملحن منير مراد هو الذى يمرننى أنا وشادية وكانت أغنية «ألو ألو إحنا هنا» واحدة من أشهر أغانى النجاح فى تاريخ السينما المصرية وأثناء التصوير ذهبنا لمرسى مطروح مع كل فريق العمل فى شاطئ عجيبة
واندمجت أنا فى دور المنتج ونسيت أنى ممثلة وأخذت أسأل عن كل التفاصيل لدرجة أن فريق العمل بدأ يتندر بذلك وقد كررت تجربة الإنتاج مرة أخرى بفضل رمسيس نجيب لأنه كان المسئول الفعلى عن كل شىء
دايما معاك وأيامنا الحلوة وحب ودموع
«دايما معاك» كان أمام محمد فوزى، »وكان فنان هايل سخى جدا ويحب مساعدة زملائه وكل المحيطين به»، أما أيامنا الحلوة فكان أول تجربة لعبد الحليم حافظ وأول فيلم يظهر فيه أحمد رمزى على الإطلاق، وكذلك أول تجارب المخرج حلمى حليم الذى كان منتجا أيضا وكان حالما جدا وقارئا ممتازا، وممتازاً أيضا فى كتابة السيناريو وكان الكثيرون يطلقون عليه مستشارى لأنى ألجأ إليه فى تصليح الاسكريبت الذى أؤديه
والفيلم أغضب الجمهور لأن البطلة ماتت فى نهايته ولم تكن هناك فرصة لتصليح النهاية لأن الفيلم تم عرضه بالقاهرة قبل عرضه فى المنصورة والزقازيق
أما «حب ودموع» فتم تصويره كله فى بورسعيد من إخراج كمال الشيخ وكان العرض الأول له فى بيروت والجمهور غضب من نهاية الفيلم وكان تصفيق الجمهور هناك تصفيق أدب.. ليس نابعا من القلب ولم يبق على عرض الفيلم فى القاهرة ثلاثة أيام فرتبت مع المنتج رمسيس نجيب أن نذهب سريعا لبورسعيد وغيرنا النهاية وعملنا التصوير والمونتاج ونجح الفيلم وحاز على إعجاب الجمهور وكان فى هذه الأثناء يتم تصوير فيلمين معا وجاء لها فيلم تكليف بالأمر وهو (الله معنا) للكاتب إحسان عبدالقدوس، وذلك بعد ثورة يوليو والدور كان جميلاً ولكن كان العمل مرهقا بشكل رهيب
وتعلن فاتن أنها ارتدت حوالى 80 فستان زفاف فى أفلامها ولم تحتفظ ولا بواحد منها، لأنها كانت تأتى لها خطابات من فتيات معجبات بفساتينها فكانت ترسلها لهن وكذلك لم تحتفظ بأى من ملابس أفلامها ولا حتى صور الكواليس.
لأنها كانت تفكر فى الغد وجاء الغد لها حاملا سيدة الشاشة العربية، الحقيقة الكتاب ثرى وممتع وجميل، ولكن نخشى أن يمل القارئ العزيز منا ولكم منا كل التحية وللمؤلفة الزميلة زينب عبدالرازق
شهيرة النجار