أرشيفسير ذاتية

البليغ 3.. ما بين الرحيل والميلاد نحتفل فى ذكرى ميلاده 7 أكتوبر

شارك المقال

فى ذكرى أكتوبر تذكروا أن بليغ لحن أشهر أغانيها مجاناً على الربابة 

محمود الشريف: بليغ قعد الملحنين فى بيوتهم 

ذهب ليخطب بنت عبدالوهاب فسكت

فى هذه الحلقة التى امتدت للثالثة فارضة اسم بليغ حمدى الموسيقار الحقيقى للأجيال نحتفل اليوم ليس بذكرى الرحيل، ولكن ذكرى الميلاد فى السابع من أكتوبر المقبل والتى من الغرائب تحمل ذكرى النصر فى السادس من أكتوبر لتحمل معها تضافر العشق للوطن، بليغ الذى لحن أشهر أغانى النصر على الربابة وقصتها الشهيرة المعروفة التى ذهب بوردة وعبدالرحيم منصور ولحنها على سلم الإذاعة وقرر أن يسجلها مع الفرقة الموسيقية بقيادة أحمد فؤاد حسن مجاناً، وكانت وقتها الإذاعة المصرية أوقفت إنتاج الأغانى بسبب الميزانية والحرب، ولكن بليغ وشعوره الوطنى أجبر الجميع على فتح الاستوديو ليخلد ذكرى السادس من أكتوبر على الربابة تلك الحالة الاستثنائية فى تاريخ الموسيقى العربية، فى هذه الحلقة نتحدث عن عبقرية وإلهام بليغ حمدى الذى دفع بملحن كبير كان يوماً من الأيام حباً عظيماً فى حياة أم كلثوم ولحن لكبار مطربى الجيل وهو محمود الشريف أن يقول إن هذا الشاب النابغة قعد الملحنين فى بيوتهم لماذا؟ لأنه يأتى بنغمات جديدة وطور فى أداء المطربين والمطربات الذين غنوا له حتى أم كلثوم ذاتها ضخ فيها دماء جديدة ولدت الغيرة فى قلب موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، ورغم غيرة عبدالوهاب الشديدة التى سطرنا عنها فى العددين الماضيين إلا أنه كان تاجراً ماهراً فقد احتكر إنتاج ألحان بليغ لشركته صوت الفن لأنه يعلم أن بليغ نجم السوق والناس تعشق نغماته الجديدة حتى التطوير فى التوزيع الذى أحدث فيه طفرة قلبت الموازين لدرجة أنه أقنع الست بجلالة قدرها أن يدخل فى فرقتها الجيتار والبيانو وهذه كانت طفرة ما بعدها طفرة، وبدأ المطربون والمطربات المصريون يبعدون وتتحول أغانيهم بتوقيع بليغ لمكانة أخرى جعلت الحروب الفنية على أشدها من أجل الفوز بلحن لبليغ.

  1. أغانى محمد رشدى فى فيلم «شاطئ المرح» بـ80 جنيهاً

ورغم أن بليغ كان جوكر الملحنين إلا أنه لم يتاجر أبداً بألحانه ولم يغال فى بيعها فهل تعلم عزيزى القارئ أن بليغ حمدى باعتراف محمد رشدى رحمه الله تقاضى عن أجمل أغانيه له وهى «طاير يا هوى» 80 جنيهاً فقط لاغير وعن كل أغنية بفيلم «شاطئ المرح» مع شمس البارودى وأشرف عبدالغفور ونجوى فؤاد مثلها أى 80 جنيهاً عن «مغرم صبابة وما على العاشق ملامة وعالرملة»!! نعم حتى إنه فى 1981 أنتج على الحجار أول ألبوم له وطلب لحنين من بليغ ورغم أن بليغ كان يتقاضى أيامها «7000» عن اللحن صمم ألا يأخذ من على الحجار مليما واحداً وأمام إلحاح على الحجار تقاضى بليغ ألفاً وخمسمائة جنيه فى اللحنين وهما أغنية «سفر» وأغنية “أحبابنا من عشقهم”.

  • لحن عشرات الأغانى الوطنية لمصر مجاناً «يا حبيبتى يا مصر» و«على الربابة».

ورغم هذا الكرم البليغى الذى لم يقتصر على المطربين فقط بل على الأم مصر حيث لحن بالمجان «يا حبيبتى يا مصر ويا أم الصابرين» لشادية و«على الربابة» لوردة و«عبرنا الهزيمة» و«عاش اللى قال» وغيرها من عشرات الأغانى الوطنية إلا أن الدولة لم تفكر وقتها أن تتحمل تكاليف علاجه رغم ضائقته المالية ولم تسقط عنه الضرائب المتأخرة ولا حتى فوائد تلك الضرائب!

وكانت آخر مكالمة لبليغ مع أخيه مرسى سعد الدين أكد فيها بليغ أن الطبيب المعالج له قال إنه بعد الحقنة الثانية سيعود لوطنه سليماً معافى، ولكن بليغ عاد بعدها لمصر فى تابوت!

بليغ الذى أكد أن أعظم حب فى حياته هو والدته ومصر قائلاً: هما الحب كله ورغم أنه كان يتمنى إنجاب الأطفال لكن زوجته المطربة الراحلة وردة كانت تقوم بإجهاض نفسها بسبب حالتها المرضية على حسب قولها وتصريحاتها وقتها ورغم ذلك كان بليغ يعتبر كل المصريين أبناءه.

بليغ رغم شهرته الواسعة وألحانه الغزيرة لم يمتلك شقة حيث كان يسكن فى شقتين إيجار إحداهما شقة الزوجية فى ميدان سفنكس والثانية مكتب فى الزمالك وقد تم التنازل عنهما بعد وفاته والثانية تحولت لمعرض سجاد!.

  • سامية جمال وزواج لم يكتمل وميلاد أغنية «حب إيه»

ويتردد أن بليغ حمدى فى بداية حياته الفنية وقع فى غرام راقصة مصر الأولى وقتها سامية جمال وافتتن بها وهى كانت فى أوج مجدها الفنى تمثيلاً وجمالاً وحسب الروايات التى اطلعت عليها أنه تمت خطبتهما وبدأ الاثنان فى الترتيب للزواج، لكن بليغ طلب من سامية ترك الرقص والتفرغ للبيت لكنها رفضت وقررت فسخ الخطبة مما أصاب بليغ بصدمة بالغة، وقال لها والحب الذى بيننا يا سامية فردت عليه: حب إيه يا بليغ، لتولد بمقولة سامية مقدمة أغنية «حب إيه اللى انت جاى تقول عليه» حيث ذهب لصديقه الشاعر الشاب عبدالوهاب محمد وطلب منه بعد أن قص عليه قصته فشل الزواج من سامية جمال وطلب منه أن يكتب أغنية مطلعها «حب إيه» وبالفعل كتب عبدالوهاب محمد «حب إيه اللى أنت جاى تقول عليه» لتمر الأيام وتكون تلك الأغنية مغناة بحنجرة الست أم كلثوم وقيل إن بعض الواشين الذين أرادوا أن يوقعوا بين بليغ وأم كلثوم قالوا لها يا ست أغنية «حب إيه» كتبها عبدالوهاب محمد لتجسد حالة فشل قصة الحب بين بليغ والراقصة سامية جمال، فردت أم كلثوم: شاطر يا ريت كل واحد يعمل زيه ويترجم مشاعره لفن فصمت الواشى الذى كان يريد أن تقطع الست صلتها بألحان بليغ، بعدما أعلنت انبهارها بنغماته لكن تلك الرواية لم يكتب لها التردد كثيراً ربما لتدخل الست وقتها حتى لا يقال إنها غنت كلمات فى قصة حب راقصة مثلما تردد أن كلمات قصيدة «الأطلال» كتبها إبراهيم ناجى فى عشق الممثلة زوزو حمدى الحكيم التى كانت تتردد على عيادته كطبيب أو ربما بليغ ذاته كان لا يريد الحديث عن تلك المرحلة النفسية فى حياته مثلما كان يتحدث كثيراً عن آلام ولوعة حبه لوردة عندما تركت مصر بل سافر لها فى الجزائر عندما علم أنها طلقت من زوجها وكتب عندما رآها على منديل «وعملت إيه فينا السنين غيرتنا لا بعدتنا لا ودوبت فينا الحنين السنين قد العيون السود بحبك» ويطلب من صديقه الشاعر محمد حمزة أن يكمل تلك المقدمة لتخرج الأغنية الأروع لوردة «العيون السود» والتى كانت أول أغنية تغنيها بعد عودتها لمصر وغنتها فى فيلم صوت الحب مع حسن يوسف، فبليغ دائما ما يترجم مشاعره لكلمات وألحان ولم تكن المرة الأولى ولا الثانية ولا الأخيرة، فكلمات أغنية «بودعك» لوردة كانت كلماته وألحانه وهى آخر ما تغنت به حنجرة وردة لبليغ وكانت بحق وداعاً وأغنية «الحب اللى كان» التى غنتها ميادة الحناوى وهى أنجح أعمالها وكانت سبب شهرتها وانطلاقها كلمات بليغ وألحانه والتى قيل وقتها إنه كتبها بعد طلاقه من وردة، فبليغ لم يكن نابغاً فقط فى التلحين بل فى الكتابة الغنائية.

  • حب بليغ لإش إش بنت عبدالوهاب ولميادة الحناوى

وبليغ بطبيعته كان محباً للحب وتردد أنه أحب كثيرات بل إن وردة رحمها الله قالت إن أحد أسباب طلاقهما هى نزواته وتردد حب بليغ لميادة الحناوى مثلما تردد حبه فى بداية اكتشافه لعفاف راضى أنه أحبها وكذلك لسميرة سعيد لكن متى أقبل ذلك الشاب على الزواج؟ كانت أربع مرات الأولى كما سبق وأشرت من سامية جمال لكن تظل شائعات ولم يكتمل الزواج والثانية من وردة والثالثة من صباح ولم يدم الزواج أياماً بعد طلاقه لوردة وذهابه لبيروت وتقابل مع صباح واحتوته ونشأت علاقة حب لم تدم أثمرت عن زواج دام أياماً شعر بعدها أنه ما زال يحب وردة فوردة كانت الحب الكبير العاطفى فى حياة بليغ، أما المرة الرابعة التى أقدم فيها على الزواج ولم تكتمل عندما أحب إش إش بنت الموسيقار محمد عبدالوهاب وحسب رواية الكاتب محمود عوض أنه ذهب لبيت عبدالوهاب ليطلبها منه مع أخيه ولكنه خاف أن يفاتحه فى الموضوع فذهب دون أن يتحدث عما جاء من أجله خشية أن يباغته عبدالوهاب بالرفض بسبب فوضويته أو قل بسبب غيرة عبدالوهاب الفنية منه لكن ظل عبدالوهاب رغم الغيرة يبدى من حين لآخر إعجابه بجمل بليغ اللحنية ويقول إنه يجدد نفسه ويدندن فى كثير من الأحيان جملاً من أغنية «جانا الهوا» حتى إنه قال ذات يوم لوجدى الحكيم بليغ صاحبك دا إيه اللى بينه وبين ربنا سبحانه وتعالى عشان ينعم عليه بكل الجمل الحلوة دى دا حتى أغنية «يا حبيبتى يا مصر» ناعمة وبسيطة جداً ومعقدة جداً، ورغم ذلك ظلت العلاقة بين بليغ وعبدالوهاب فى صعود وهبوط يلحن بليغ «تخونوه» لعبدالحليم فيلحن عبدالوهاب «ظلموه» ويجارى عبدالوهاب بكل تاريخه الجمل اللحنية البليغية «فى ليلة حب» لأم كلثوم وفى «لولا الملامة» لوردة، لكن يلعب عليه مرض «الأستذة» حقا يا بليغ ماذا بينك وبين الله لينعم عليك ليس بالجمل اللحنية فقط ولكن عشق الجماهير حياً وميتاً ويسخر لك ما لم تعرفهم ليخلدوك ويدعون لك، فأنت قلت إن الله حرمنى من الأولاد وكل المصريين أبنائى ليحقق الله أمانيك ويكون كل المصريين بل العرب وعشاق الطرب بأولادهم وأحفادهم أولادك ونسلك يقرأون الفاتحة على روحك ويتذكرونك وينشئون الصفحات لتخليد اسمك ويدافعون عنك وهم لا يعرفونك وأنت فى دار الحق وجيل وراء جيل تتسلل بينهم وتدخل فى قلوبهم وعقولهم وتقول أنا الحى الميت أنا البليغ ألف رحمة ونور عليك وعيد ميلاد سعيد فى الجنة ويا حبيبتى يا مصر أم الصابرين على الربابة عاشت وعشت فى قلوب أهل الوفاء.

شهيرة النجار