الطريق الي الله

الحلقة (١٣) من أولياء الله الصالحين بإسكندرية: العلامة أبو القاسم القباري

شارك المقال

هو العلامة العارف بالله الشيخ محمد أبو القاسم بن منصور بن يحيي المالكي الإسكندري أحد العباد المشهورين بكثرة الورع والتحري والانقطاع له، وكان فى صغره يحضر مجالس العلم على ثقل فى سمعه فإذا انقضي الدرس سأل أترابه أن يعيدوا له بصوت عال كلام المدرس. قال الإمام أحمد بن المنير نقلاً عنه: كان لي تِربَ قد تنبه وتهيأ بهيئة فى لباسه وكلامه فوقفت به يوماً وسألته أن يعيد لي ما جري لهم فى الدرس فنفر في وجهي نفرة التكبر فكسر قلبي فرجعت دارنا وكانت لنا غرفة خربة، وكنت أخلو فيها فصعدت إليها وصليت ركعتين وبكيت وقلت: يارب ابتليتني بحب العلم وثقل السمع حتى تكبر على فلان اليوم وبخل على بمالا يضره، ودعوت على ذلك المسكين فاتفق فى باقية النهار أني اجتمعت ببعض ممن كنت أطلعه على أمري فتحدثت معه فى ذلك، فلم يمر على ذلك المدعو عليه شهر حتى ظهرت عليه آثار المكر والإعراض عن العلم وترك التزين بزي أهله وسقط بالكلية من تلك الرتبة، فقال لي ذلك الرجل: أقسم عليك بالله لا تعجل بعد هذا بالدعاء على أحد.قال الإمام بن المنير فكان رحمه الله تعالي بعد ذلك لا يدعو لأحد ولا على أحد بل كان إذا طلب منه أحد الدعاء يقول: للطالب ما يحتاج ويقول لآخر ما اشتهي لأحد من أمة محمد ﷺ إلا خيراً، ويقول لآخر أود لو كان الناس كلهم على الخير ويقول لآخر أحب لكل أحد ما أحب لنفسي، ويقول لآخر الدعاء النافع هو الذي يوافق القضاء فإن خالف القضاء نسخ الدعاء وثبت القضاء.ولما زار الإسكندرية السلطان الظاهر بيبرس سنة 661 هـ أرسل يستأذن الشيخ في زيارته فأذن له، فلما أتاه وتحدث إليه لم يكن للشيخ من حاجة يزجيها إلي السلطان إلا نصحه بعمارة الثغر وتحصينه فقدر السلطان الظاهر بيبرس له نصحه وخرج من عنده مباشرة إلي أسوار المدينة فطاف بها وأمر بترميمها والعناية بها.ومن الغريب ما يحكي عن الشيخ القباري أنه باع دابة رجل فأقامت عنده أياما لم تأكل شيئاً فجاء إليه وأخبره فقال له الشيخ ما صنعتك؟ قال: رقاص عند الوالي، فقال: دابتنا لا تأكل الحرام ثم رد إليه دراهمه. ومما يروي عنه قوله: المكروه عقبه بين العبد والحرام فمن استكثر من المكروه تطرق إلي الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمن استكثر منه تطرق إلي المكروه.توفي رحمه الله تعالي في اليوم السادس من شعبان سنة 662 هـ عن خمس وسبعين عاماً وقبره داخل مسجد بالقباري، وفي مدخل مسجده قبر الشيخ عز الدين بن عبد السام وهو غير سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام الذي كان معاصراً للشيخ القباري وتوفي بالقاهرة وقبره معروف ويزار.

شهيرة النجار