كثيراً ما نسمع من الذين ينكرون على الصوفية ويهاجمونهم من أين جئتم بكلمة الطريقة، وهذه الكلمة هي بدعة محدثة ما كانت على عهد السلف الصالح. وهذا خطأ كبير فكلمة الطريقة تأتي في اللغة العربية بعدة معاني، وكل هذه المعاني تدل على الخير وكلها مأخوذة من دين الله عز وجل ومن شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وآله وسلم ولو بحث هذا المنكر في ثنايا اللغة العربية لوجد معنى كلمة الطريقة، ولعرف أنها كلمة محمودة ولا تدل إلا على الخير واليك بعض هذه المعاني العظيمة لكلمة الطريقة من بحر لغتنا العربية:
· تأتي كلمة الطريقة بمعنى الدين: ورد في كتاب مجمع البيان في تأويل آي القرآن للإمام الطبري: قال أبو السائب قال: ثنا أبو معاوية عن بعض أصحاب عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير في قوله: ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) [الجن: ١٦]، قال: الدين، وعن مجاهد قال: طريقة الإسلام، وجاء في الجامع للطبري كنا طرائق قدداً: (كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) أي فرقاً شتى؛ قال السدي والضحاك: أدياناً مختلفة، وجاء في الدر المنثور: وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: ( كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ) قال: مسلمين وكافرين.
تأتي كلمة طريقة بمعنى المذهب: جاء في كتاب مجمع البيان في تأويل آي القرآن للإمام الطبري ما يلي: والطرائق: جمع الطريقة وهي مذهب الرجل، أي كنا فرقاً مختلفة. ويقال: القوم طرائق أي على مذاهب شتى. وورد أيضاً في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي والطرائق: جمع الطريقة وهي مذهب الرجل، أي كنا فرقاً مختلفة. ويقال: القوم طرائق أي على مذاهب شتى وورد أيضاً في الجامع لأحكام القرآن في تفسير قول الله تعالى: ( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) [طـه: ٦٣]. ويقال فلان حسن الطريقة أي حسن المذهب، وجاء في لسان العرب طريقة الرجل مذهبه.
· تأتي كلمة الطريقة بمعنى السنة: من خلال البحث في معنى كلمة السنة وجدنا أن معنى هذه الكلمة عند كل العلماء هي الطريقة فقد ورد في تحفة الأحوذي للمباركفوري: والسنة لغة هي الطريقة حسنة كانت أو سيئة، وجاء في فقه العبادات على المذهب الحنفي: والسنّة لغة: مطلق الطريقة مُرْضِية أو غير مُرْضِية، وجاء في مراقي الفلاح: والسنة لغة مطلق الطريقة مرضية أو غير مرضية وفي الشريعة الطريقة المسلوكة في الدين، وجاء في شرح المعتمد في أصول الفقه السنة لغة: الطريقة والعادة، وهكذا عرفها النحاة، وجاء في كتاب المبسوط للسرخسي: فالسنّة في اللغة الطريقة وما يكون متبعاً منها، وجاء في فيض القدير للمناوي: السنة بالضم، الطريقة المأمور بسلوكها في الدين، وجاء في فيض القدير للمناوي: والسنن جمع سنة وهي الطريقة والمراد بها في عرف الشرع الطريقة التي كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يتحراها.
والسُنَةُ الطريقَةُ المعتادَةْ
قَدْ حدَّها قومٌ كرامٌ سادَة
· تأتي كلمة الطريقة بمعنى الأمة: جاء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي في تفسير قوله تعالى: ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) [الزخرف: ٢٢]، أي على طريقة ومذهب، قال الجوهري: والأمة الطريقة والدين، يقال: فلان لا أمة له؛ أي لا دين له ولا نحلة.
· تأتي كلمة الطريقة بمعنى السيرة: جاء في كتاب اللباب في شرح الكتاب: والسير – بكسر السين وفتح الياء – جمع سيرة، وهي: الطريقة في الأمور، وفي الشرع يختص بسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مغازيه، فيقال فلان حسن الطريقة أي حسن السيرة والعكس صحيح حسن الطريقة أي حسن السيرة، وجاء في لسان العرب: الطريقة: السيرة.
· تأتي كلمة الطريقة بمعنى الشريعة: جاء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي في تفسير الآية 48 من سورة المائدة: والشرعة والشريعة الطريقة الظاهرة التي يتوصل بها إلى النجاة. والشريعة في اللغة: الطريق الذي يتوصل منه إلى الماء. والشريعة ما شرع الله لعباده من الدين؛ وقد شرع لهم يشرع شرعا أي سن. والشارع الطريق الأعظم. وكما جاء في قول الله تعالى: ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) [الجن: ١٦].
· تأتي كلمة الطريقة بمعنى الهدى: جاء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي في تفسير قوله تعالى: ( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) [طه: ٦٣]، تقول العرب: فلان على الطريقة المثلى يعنون على الهدى المستقيم. وجاء في شرح صحيح مسلم للنووي: يقال: فلان حسن الهدى أي الطريقة والمذهب، وجاء في سنن ابن ماجة: الهدى الطريقة والمسيرة، وجاء في شرح البخاري في مناقب عبد الله بن مسعود:(الهدى) الطريقة والمذهب، وجاء في عون المعبود في شرح سنن أبي داوود للآبادي: إن الهدى الصالح: بفتح الهاء وسكون الدال المهملة أي الطريقة الصالحة.
· هذا وتأتي كلمة الطريقة بمعنى المنهج.
· وتأتي بمعني السبيل: فيقال عابر السبيل أي عابر الطريق وتأخذ الكثير من المعاني الأخرى.
وبعد كل الذي ذكرناه عن معنى كلمة الطريقة اعتقد أنه لا يحق لأحد أن يقول متفقهاً من أين جئتم بكلمة الطريقة فجوابنا له لقد جئنا بها من لغتنا العربية لغة القرآن ومن قرأننا ومن سنة نبينا ومن كبار علمائنا ومن أمهات كتب السلف الصالح، وعلى هذا فإننا عندما نذكر كلمة الطريقة وكأننا ذكرنا السنة والسيرة والدين والمنهج والشريعة والهدى والمذهب وليس في هذه الكلمات من حرج شرعي بل إنها كلها تدل على الدين والشرع
شهيرة النجار