- إيّاك والالتفات يا بُنَي .
إذا ابتُليت بالحُزن فلا تلتفِت للحُزن وتنشغِل به عن ربّك
وإذا ابتُليت بما يسرّك فلا تلتفِت للفرِح وتنشغِل به عن ربّك
فاللهُ يغار . . وغيرَة الله ليسَت كغيرة غيرِه، “هُم درجاتٌ عندَ الله” ومعامَلته لأوليائِه مُختلفة عَن معاملتِه لغيرهِم، وكلّما اقترَبت أكثر توجّب عَليك أن تحترِس أكثر . . فكلّ مُحبّ يغار، فاحرِص ألّا يطّلع عليك فيراك تؤثِر من الدّنيا شيئاً علىٰ قُربه . . أو تُشغلك نعمته عَن طاعتِه . . أو يُشغلك هَواك عمّا يطلبُه منك .
في كلّ لحظَة وفي كلّ ثانية . . لا تلتفِت!
حتىٰ ينقَضي العَمر لا تلتفِت لغيرِه . .
جسدُك في الدّنيا وقلبُك مُعلقٌ في السّماء . .
إيّاك والانشِغال بغيرِ الله!
إيّاك والتعلّق بغير الله!
خُذ من الدّنيا ما شئت، ولا تسمِح لها أن تأخُذ مِن قلبِك ما شاءت! . .
وافصِل بين قَلبك وجسدِك حتىٰ لا تؤثّر الدّنيا عَليك . . اجعلها بينَ كفّيك لا تجاوِزهما لقلبِك . .
وأما الناس وأذاهم، فالله يكفيك شرورِهم، كُن معَه يكفيكَهم . .
وأمّا الرّزق، ففِي السّماء رِزقك وما توعَد فلا تنشغِل ما كُتب لك عمّا كُتب عَليك وطُلب منك!
وأمّا الدّنيا فكلّها وكلّنا إلىٰ زوَال، فكيفِ تتعلّق بفَاني، وإلامَ أفضىٰ بالنّاس التعلّق؟
« وأمّا قلبك »
فهوَ يستحِق منك أن تجوبَ الأرضَ بحثاً عن صلاحِه . .
كل ما يقرّبك من الفِتنة خطوة، تخلَّ عنه ولا تتأسّف . .
وكل ما يقرّبك من الجنّة خطوة، أقبِل عليه ولا تتأفّف . .
وكل مفقودٍ إلا الله هيّن، ومن وجَد الله لم يفقِد شيئاً . .
إذا أمسيتِ لا تنتظر الصّباح، وإذا أصبَحت فلا تنتظِر المساء . . واقطَع عن نفسك طُول الأمَل؛ فكَم ماتَ غافلٌ . .
وكلّ لذّة بعدها النّار لا خَير فيها . .
وكلّ رزقٍ تستجلِبه بمعصِية لن تنَل منه شيئاً . .
فخلّ السرّ عن كلّ شاغِل . . وصفِّ القلبَ من كلّ عارِض . . واقطَع شجرَة الهوىٰ فيك مِن جذورِها . . وارقَ بهواك إلىٰ الجنة، فلَن يؤمن أحدُنا حتىٰ يكون هواهُ تبَعاً لِما جاء به سيدنا مُحمَّد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين!
شهيرة النجار