المصدر: من كتاب (أنا من سلالة آل البيت)
للشيخ محمد متولي الشعراوي
*تعود رحلة نقل رأس الامام “الحسين” بمصر إلى قصة طويلة، عندما تزينت مصر وتجملت وأضيئت المصابيح شوقًا لحضور رأس “الحسين” حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك مع منتصف العام الثامن والأربعين بعد المائة الخامسة من الهجرة.
*ويحكي أن الوزير الفاطمى الصالح طلائع خاف من الصليبيين أن ينتهكوا حرمة قبر رأس “الحسين” بعسقلان، والتي استقرت به بعد قرابة نصف القرن من موقعة كربلاء، عام 61 هجريًا، حيث طاف قتلة الحسين رضي الله عنه برأسه الشريفة على أسنة الرماح.
*ودفنت في ( عسقلان ) تلك المدينة الساحلية بفلسطين، حتى تكون بعيدة عن مناصريه، فاستقرت هناك قرابة الخمس قرون، حتى اشتدت الحملات الصليبية على فلسطين.
*وبعد عدة جولات اتفق ( ابن طلائع) على أن يدفع الفاطميون ثلاثين ألف قطعة ذهب (دينار) مقابل الرأس الشريفة، وذهب الأمير الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الدين الجمالى،
فوقف على القبر حتى استقر عند الرأس الشريفة فحملها على صدره من عسقلان في يوم الأحد الثامن من جماد الآخر، لتصل يوم الثلاثاء العاشر من نفس الشهر الموافق العام 548 الموافق يوم 31 أغسطس عام 1153 ميلاديا.
*وقد سار بها في موكب مهيب و عند مدخل مدينة الصالحية،
وإجلالا لشرف الاستقبال قام المصريون بخلع نعالهم حتى لم يكن بينهم من كان مرتديا نعله وذلك زيادة في إجلال وتقديس الرأس ..
*وعلى الفور جرت مراسم التسليم الشريفة عند حدود الصالحية ليحملها الموكب السلطانى وتوضع في كيس من الحرير الأخضر وتحمل على كرسى من الأبانوس وتسير ويسير خلفها كل من فيه الروح بأرض مصر فرحين مهللين مكبرين من الصالحية وحتى بوابة مسجد طلائع الذي كان تحت الإنشاء حيث تم بناؤه خصيصًا لتدفن به رأس الحسين رضي الله عنه.
*و سادت احتفالات المصريين بقدوم الرأس أياما وليالى حتى استقرت بمسجد طلائع في كيسها الحريرى الأخضر الذي بناه، حيث أمر ابن طلائع ببناء المسجد خارج القاهرة ..
*ولكن بيت الحكم الفاطمى بمصر لم يرض أن تدفن الرأس الحسينية بعيدًا عن مقر الحكم حتى استقر الأمر بأن تغسل الرأس في مسجد طلائع وتدفن في قصر الزمرد.
*وبعد الاتفاق بين طرفى الحكم بمصر تم الحفر بقصر الزمرد، أسفل قبة الديلم أسفل دهليز باب الخدمة بقصر الزمرد عند الباب الأخضر والمعروف حاليًا بالمئذنة القديمة لمسجد الحسين، وذلك لإتمام إجراءات نقل الرأس بعد مكوثها بمسجد طلائع، حيث تم وضع رأس سيدنا الحسين في الكيس الحريرى، ووضعت على كرسى من الأبانوس، وكان ذلك عام 549 هجريا ليصبح ذلك اليوم احتفالا لدى شعب مصر، معروفا عند الجميع بمولد سيدنا الحسين.
- وتحول مقر الحكم الفاطمى من قصر الزمرد إلى مسجد سيدنا الحسين، وقد سمي الباب الأخضر نسبة إلى ( حرير الأخضر ) الذي يكسو الرأس الشريف ويوجد بأسفل المآذنة شباك من الطوب المسدود وكأنه كان على شكل طاقة رؤيا من تلك التي كانت معروفة قديمًا في العمارة الإسلامية.
- ويحكي أنه من أسباب قطرات الدماء الموجودة عند الباب الأخضر والمنسوبة لسيدنا الحسين، فإنها ترجع إلى أن حاكم عسقلان ورسل الخليفة الفاطمى، حينما حفروا لاستخراج الرأس من مرقدها، وجدوا دماءها لم تجف رغم أنه مر على دفنه بعسقلان قرابة 500 سنة ..
شهيرة النجار