وكانت السيدة نفيسة من الصلاح والزهد على الحد الذي لا مزيد عليه، فيقال أنها حجت ثلاثين حجة، وكانت كثيرة البكاء، تديم قيام الليل وصيام النهار، فقيل لها: ألا ترفقين بنفسك؟ .
فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبة لا يقطعها إلا الفائزون.
وكانت تحفظ القرآن وتفسيره، وكانت لا تأكل إلا في كلّ ثلاث ليال أكلة واحدة، ولا تأكل من غير زوجها شيئاً، وقد ذُكر أنّ الإمام الشافعي محمد بن إدريس كان زارها وهي من وراء الحجاب، وقال لها: ادعي لي، وكان صحبته عبد الله بن عبد الحكم.
وماتت رضي الله عنها بعد موت الإمام الشافعي رحمة الله عليه بأربع سنين لأنّ الشافعي توفي سلخ شهر رجب سنة أربع ومائتين. وقيل أنها كانت فيمن صلى على الإمام الشافعي. وتوفيت السيدة نفيسة في شهر رمضان سنة ثمان ومائتين ودفنت في منزلها، وهو الموضع الذي به قبرها الآن، ويعرف بخط درب السباع، ودرب بزرب.
وأراد إسحاق بن الصادق وهو زوجها أن يحملها ليدفنها بالمدينة، فسأله أهل مصر أن يتركها ويدفنها عندهم لأجل البركة.
و روضة السيدة نفيسة أحد المواضع المعروفة بإجابة الدعاء بمصر، وهي أربعة مواضع:
سجن نبي الله يوسف الصديق عليه السلام.
ومسجد موسى صلوات الله عليه، وهو الذي بطرا.
ومشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها.
والمخدع الذي على يسار المصلى في قبلة مسجد الإقدام بالقرافة.
فهذه المواضع لم يزل المصريون ممن أصابته مصيبة أو لحقته فاقة أو جائحة يمضون إلى أحدها، فيدعون الله تعالى فيستجيب لهم، مجرب ذلك . .
ويقال أنها حفرت قبرها هذا وقرأت فيه تسعين ومائة ختمة، وأنها لما احتضرت خرجت من الدنيا وقد انتهت في حزبها إلى قوله تعالى: [قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ]. (الأنعام/ ١٢).
ففاضت نفسها رحمها الله تعالى مع قوله الرحمة، ويقال أن الحسن بن زيد والد السيدة نفيسة كان مجاب الدعوة ممدوحاً.
شهيرة النجار