العدد الماضى، توقفت عند حديث مدير العلاقات العامة لمستشفى مجدى يعقوب لعلاج القلب، أثناء زيارتنا له، عن أن أسرة المريض تتلقى تدريبات على كيفية التعامل مع الطفل الذى تجرى له جراحة دقيقة فى القلب، لأن ذلك ليس سهلا، و«سبحان من يجعل أرزاق ناس من ناس» كما يقول المثل الشعبى.
ونظرا لأن الدكتور مجدى يعقوب اختار أن يكون له مكان دائم لإجراء الجراحات داخله، كلما جاء مصر، حتى يكون مجهزا بدلا من إجراء الجراحات فى أماكن مختلفة كل مرة، ولأنه اختار هذا المكان بأسوان، ورغم أنه كان مكانا تقريبا عشوائيا فى منطقة على شريط القطار، وأصبح يزوره رجال أعمال كبار ووزراء ومسئولون كبار بالدولة، لذا، اضطرت الإدارة بأسوان أن تهتم بالمكان وتقوم بتطويره وتنظيفه.
وبسبب المكان أصبح المستشفى سببا فى إقامة جامعة بالكامل، حيث كان تابعا لوزارة الصحة، بعدها أصبح له كلية طب، انفصلت عن جامعة جنوب الوادى، ثم أصبحت جامعة أسوان، فى وقت كانت تعانى خلاله محافظة أسوان من الإهمال، منذ عدة سنوات سابقة، مثل أغلب مدن الصعيد
ورغم جمال الطبيعة الساحرة الخلابة بالمحافظة، إلا أن الخدمات والسياحة فيها كانت صعبة، فمثلا لم يكن فى كامل أسوان قبل وجود مركز مجدى يعقوب معمل تحليل واحد، وكان المواطن الأسوانى يضطر متكبدا المشقة والمال التوجه لأقرب محافظة لإجراء التحاليل اللازمة له، أما الآن، فتحت غالبية معامل التحاليل الشهيرة بالقاهرة والإسكندرية فروعا لها بأسوان، لتخدم على المركز..
ليس ذلك فحسب، بل تم أيضا فتح أكثر من صيدلية، وتوفرت أدوية كثيرة، كان وجودها بصيدليات أسوان قبل ذلك نوعا من الرفاهية.
باختصار تغيرت الخريطة الطبية لأسوان بالكامل، واستفاد أهلها جميعهم وليس شريحة مرضى القلب من المركز، وبسبب وجود حالات من خارج أسوان تم تطوير آليات السياحة، وأشهرها الفندق الأثرى أولدكتاركت، حيث تم تطويره بالكامل، وبه جناح باسم الدكتور مجدى يعقوب، لا يحل به إلا هو، وحتى أهل الفن نظروا لأسوان نظرة أخرى، كلها اهتمام، مثال على ذلك المسلسلات التى تم تصويرها آخر (5) سنوات بأسوان، والأفراح الضخمة التى أقيمت هناك لمشاهير الفن والمال، وسلطت الضوء على سحرها وجمالها.
أما فيما يتعلق بكلام الشاب محمود نجدى، لبعثة الطلاب الموفدة من المدرسة بالإسكندرية، أثناء توجههم لتسليم شيك التبرع لصالح المستشفى، فقال: المستشفى له قسم خاص بالتمريض، ويوجد مدير خاص لطاقم التمريض، الذى يعد الأعلى فى مصر تقريبا، حيث يقوم بالذهاب لمعاهد وكليات التمريض لاختيار النماذج التى تصلح للتدريب والالتحاق بالمركز، وليس شرطا فقط الشهادة العلمية.
وتابع: هناك من لديهم الإحساس والخبرة والرغبة فى التعلم والتعامل مع المريض، لأن التمريض ممارسة، لذا أصبحت أسوان بمركز القلب لمجدى يعقوب قبلة لغالبية ممرضى وأطباء مصر، يأتون للتعلم وأخذ الخبرة والعودة مرة أخرى، بسبب شدة الإقبال على مستشفى مجدى يعقوب، لأن مصر بها تقريبا (18) ألف حالة سنويا من الأطفال تحتاج لجراحات دقيقة فى القلب، وما يتم بالمركز لا يزيد على (4000) حالة بالعام، نظرا للتكاليف الباهظة للجراحة الواحدة، ما بين جراحة وخدمة وأدوية وتركيب أجهزة، وكله بالمجان، معتمدا على التبرعات فقط.
موضحا أن بعض الجراحات تحتاج إلى تركيب جهاز، يصل ثمنه لنصف مليون جنيه، هذا بخلاف الجراحة والأدوية والإقامة لما بعد الجراحة، كل هذا كان مدعاة لأن يقرر السير مجدى يعقوب الشروع فى بناء فرع آخر للمركز بالجيزة، داخل منتجع شهير، وهذا المركز الجديد سيكون قائما أيضا على التبرعات.
كان من المفترض خلال الزيارة أن نقابل السير مجدى يعقوب، لكن للأسف لم نتمكن من لقائه، حيث كان وقتها فى إسبانيا، ومنها يتجه إلى لندن، وكانت تلك هى المرة الأولى التى أعرف فيها أن لديه مركز آخر بإنجلترا، يشرف عليه وعلى جراحاته.
استكملنا جولتنا داخل المبنى، والحقيقة شىء مبهر بداية من الجدران والألوان والترتيب للأدوار، علاوة على تكامل وحدات العناية المركزة، فضلا عن توفير جزء خاص للأطفال للعب، وكذلك للاهتمام بحالتهم النفسية، علاوة على وجود أيضا الجزء الفندقى، هكذا يطلقون على أماكن استقرار المرضى بعد الخروج من العناية المركزة «حجرات فندقية».
المكان رغم صغره، ملىء بطاقة نور وأمل تكفى العالم، لذا يستحق كامل الدعم من كافة المصريين، رجال أعمال وجمعيات خيرية وأهلية وأندية روتارى ولوينز ومدارس خاصة، تغرس فى أبنائها قيم المشاركة والانتماء، وأن فى الحياة من يستحقون أن نساعدهم ونشاركهم آلامهم، ومصر كلها تحتاج فى كل محافظة مثل هذا المركز، فقد أشرت إلى أن كل عام بمصر يوجد (18) ألف حالة تحتاج لجراحة قلب دقيقة، لكن مع الأسف ونظرا لقلة الإمكانيات من يستفيدون أربعة آلاف فقط.
أطفال مصر يستحقون الحياة ونحن فى أيام خير وبركة، أدعوكم أن تتذكروا هذا المكان، فبعد الحالات التى رأيتها هناك أيقنت أن الدور لا يقف عند الدعم مرة، بل الدعوة للمشاركة والتذكير، وأعترف أننى كنت غير مرحبة بفكرة إعطاء التبرع هذا العام من قبل إدارة المدرسة لمركز مجدى يعقوب، إيمانا أن أهل مدينة الإسكندرية من مرضى السرطان أولى، وأن مركز مجدى يعقوب سبق التبرع له مرتان، وبهذه تكون المرة الثالثة، لكن بعد أن رأيته أيقنت أن كل مصر يجب أن تساند أهل مصر من المرضى، الذين يحتاجون أكثر، ليس مركز مجدى يعقوب فقط، ولكن المستشفيات القائمة على التبرعات وتقدم خدمة حقيقية.. شفاهم الله وعفانا وحفظ أولادنا.
وأنهى محمود نجدى كلامه، نقلا عن الدكتور مجدى يعقوب، أن عمته هى سبب جعله أشهر جراح قلب الآن بالعالم، حيث كان يحبها بشدة، وكان متعلقا بها، وتوفيت وهو صغير، فسأل والده عن سبب وفاتها فقال إنها كانت مصابة بمرض فى القلب، فظل الأمر عالقا فى ذهنه، وقال لوالده، عندما أكبر سأكون طبيب قلب، حتى أعالج الناس ولا يموتون، ساعتها سخر منه والده وقلل من أمنيته وحلمه، فكان كلام والده أنه لن يستطيع تحقيق ذلك، حافزا له، أن يخيب ظن والده ليكون أشهر جراح قلب ليس بمصر بل بالعالم كله، وهنا يوجه يعقوب رسالته للجميع، لا تجعل أحدا يسفه من حلمك، تشبث به وسر فى طريق تحقيقه.