فى بلاد عربية مجاورة لنا لا توجد أماكن تطل على البحر ولا آثار ولا أماكن أثرية ذات تاريخ وسياحة مثل قصر السلاملك ورغم ذلك فإن تلك الدول كالأردن ولبنان تعرف كيف تروج لنفسها بعمودين وزيارة للبحر الميت بالأردن أو الصعود للجبل فى بيروت بالشتاء، أما عندنا فى مصر والتى حباها الله بكل السحر وعبقرية المكان والزمان- وأختص فى مقالى هنا منطقة حدائق قصر المنتزه.
فعندنا جنون الجمال فى البحر وخلجانه والأشجار النادرة التى أحاطت بـ (350) فدانا هى مساحة المنطقة والقصران المبهران ذوا التاريخ الأثرى بالإضافة إلى الصوبة الملكية للحفاظ على النباتات النادرة والطاحونة الملكية والساعة الأثرية والسور النادر الذى جدده الملك فاروق قبل ثورة يوليو بأعوام بسيطة على الطراز الأيوبى ليتناغم مع بناء قصريّ الحرملك والسلاملك اللذين بناهما أجداده الخديو عباس حلمى الثاني، وقصر الحرملك الذى بناه الملك أحمد فؤاد الذى أمر كبير المهندسين الإيطالى ( فيروتشى) والمهندس ( حسن باشا العدوي) عام 1925 بإنشائه ليجمع بين الطرازين الإيطالى والقوطى والكلاسيكى البيزنطى .
كنا فى الحلقة الأولى قد سردنا كيف تم بناء قصر السلاملك وكيف تحول لفندق حتى حكم الإخوان وتشميعه بالشمع الأحمر وتحويله لخرابة تنعق فيها البوم وتعششها الحدادي.
فكرت شركة المنتزه فى طرح الفندق فى مزاد وللمزاد شروط محددة للحفاظ على المكان منها أن يكون المتقدم يعمل فى السياحة الفندقية بخبرة لا تقل عن (15) عاما وأن يكون خمسة نجوم على الأقل وتقدم لمزاد الفندق وسيم محيى الدين باسم شركته (سان جيوفاني) وعدد من الشركات الأخرى وتم فتح المظاريف بعد ذلك لينتهى الأمر بفشل المزاد حيث إن الشركة وضعت حدا أدنى للإيجار السنوى ستة ملايين جنيه وكان أعلى المتقدم وهو وسيم ولم يصل حتى لمليون ونصف المليون فى العام يعنى لم يصل لنصف المطلوب فى الإيجار، وقتها تحدثت إلى وزير السياحة (هشام زعزوع) الذى قال إن الأمر مزايدة ولا شيء سيجعله يمنع وسيم من عودة الفندق إليه، وتم الطلب من وسيم إن يرفع السعر فتم عمل المزاد مرة أخرى ولم يصل لثلاثة ملايين جنيه، حتى انتهى الأمر أن تعلن الإدارة أن المطلوب هو ستة ملايين فأعلن وقتها وسيم أن أقصى ما يمكن دفعه فى العام هو ( 3) ملايين لأن حجرات وأجنحة السلاملك ( 14) وثلاث حجرات تقريبا، وغالبية الوقت فى الشتاء قاعة قطرالندى أو الحديقة الخارجية مغلقة بسبب عوامل الجو، المهم تم تعليق الأمر من الجانبين وسيم وشركة المنتزه ومن خلفهما وزارة السياحة، فوسيم مصر أن أقصى رقم هو رقم عادل ( 3) ملايين وإدارة شركة المنتزه تصر أن الرقم المطلوب (6) ملايين جنيه.
لاحظوا كلام وزير السياحة الخطير
حتى تم الاتصال بالسيد ( هشام زعزوع) وزير السياحة قبل استقالته الأولى، وتناقشت معه فى الأمر فقال: الحقيقة سوف نقيم لجنة لتقييم الأمر وندرس بشدة تخفيض رقم الـ (6) ملايين جنيه لأنه واضح أنه لا يتناسب ومعطيات السوق وهو رقم مبالغ فيه ويبدو أنه كان تعجيزيا حتى لا يحصل عليه وسيم، والدليل أى شركة لم تصل حتى لنصف الإيجار.
ومرت أسابيع قليلة على هذا الاتصال مع الوزير لنفاجأ أن شركة المنتزه أقامت مزادا لبعض كبائن شاطئ عايدة ليكون بنظام التايم شير لمدة عشرة أعوام، وكان من بين تلك الكبائن كابينة باسم رئيس مجلس الشعب الأسبق أحمد فتحى سرور كان قد تم سحبها منه بعد ثورة يناير لعدم سداد قيمة الإيجار مثل كبائن زكريا عزمى وصفوت الشريف ومحمد إبراهيم سليمان وغيرهم، ولكبائن شاطئ عايدة طبيعة خاصة, حيث إنه البلاج الوحيد الذى تم هدم كبائنه القديمة منذ خمسينيات القرن الماضى ثم فى عهد مبارك تم هدم الكبائن وبناء كبائن من طابقين وثلاثة طوابق مساحة الواحدة لا تتعدى 26 مترا على الأكثر والكبائن فوق بعضها كعمارات الإسكان الشعبى وغالبيتها بعيدة عن البحر وكل ثلاث كبائن فوق بعضها تشترك فى مترين من الحديقة كإقامة يعنى لا تستحق أن يدفع فيها مليما واحدا، فى حين أن كبائن المنتزه الأخرى فيها مساحات تصل لـ (200) متر فى شكل فيللات وذات مساحات وإطلالات مبهرة.. لماذا أشرح هذا الأمر لأنه سيبنى عليه الكلام والنتائج التالية فمثلا إحدى الكبائن فى بلاج كليوباترا مساحتها تتعدى الـ ( 130) مترا تم التنازل عنها من الباطن مقابل (3) ملايين جنيه وهى إيجار مدى الحياة وبها أكثر من ثلاث حجرات نوم وحمامات ومبيت يعنى شيء من وراء العقل، وفى قلب المياه يعنى ليست كابينة للإقامة النهارية فقط وبها مجرد حمام ومطبخ وبعيدة عن البحر ولا خصوصية فيها مثل كبائن بلاج عايدة، شركة المنتزه طرحت بعض الكبائن فى قرعة وكنت أنا من بين الفائزات بكابينة فى بلاج عايدة تايم شير لمدة عشر سنوات مقابل دفع ( 250) ألف جنيه على عامين من العشر سنوات وكان نصيبى بالطابق الثالث وحاجة صعبة جدا المهم رفضت الاستلام وتنازلت عنها واستخسرت دفع هذا المبلغ لأن بثمن هذا المبلغ أنزل أسبوعا كل عام «مبيت وتصييف» بفندق فلسطين وليس مجرد المجيء أجلس إلى البحر وعندما أقضى وأسرتى حاجاتى أمشى عدة أمتار وأطلع ثلاثة طوابق وذباب وحر، شيء لا يمكن وصفه، المهم يا سادة مر عام على هذه القرعة لتطرح الشركة بعض الكبائن لتستيقظ مصر كلها على أن مقاول أنفار ولع المزاد العلنى لكابينة من بين كبائن شاطئ عايدة وهى قبلا كانت فى حوزة الدكتور أحمد فتحى سرور لمليون و400 الف جنيه على عشر سنوات، فأصبح الناس فى ذهول كيف يصل ثمن إيجار كابينة ( 26) مترا بشاطئ عايدة الذى ضاع عند هدمه وبنائه ثلاثة طوابق لمليون و400 ألف تايم شير يعنى اليوم يصل ثمنه لـ (4000) جنيه وذهل الجميع.
مرت أسابيع ليستيقظ الجميع على الصدمة الثانية وهى أن مطعم أسماك كان يحمل اسم (لوبرنس) بجوار شاطئ كليوباترا ويرى ڤيللا وكابينة الرئيس الراحل السادات قد رسا على نفس المقاول بـ 7.5 مليون جنيه فى السنة بخلاف الصيانة 12% وإضافة 10% كل عام زيادة على ذلك السعر يا خبر أسود ؟
طب إزاى إذا كان إيجار ذلك المطعم من شركة المنتزه أقصاه (400) ألف جنيه بالعام وإذا وصل لـ (900) الف تكون معجزة ؟! هنا بدأت علامات الاستفهام وبدأ الكلام حول ذلك المقاول وشقيقه اللذين كونا شركة مقاولات حتى تقدم مؤسس جبهة مناهضة أخونة مصر ببلاغ للنائب العام يسأل عن مصدر ثروة هذين الشقيقين ..
الصدمة والمفاجأة
مرت الأيام ليتنامى لمسامعى أن فندق السلاملك سيتم طرحه فى مزاد قريبا وأن هذين المقاولين للأنفار اللذين أخذا كابينة أحمد فتحى سرور ومطعم الأسماك برقم فلكى سيتقدمان للحصول عليه وبأى سعر.
هنا امتلأت رأسى بالأسئلة لماذا هذا الإصرار على منطقة حدائق قصر المنتزه ؟ ودخول أى مزاد بها للاستئجار ودفع كل هذه الملايين التى لا تتناسب مع قيمة الإيجار الأصلي، وأصلاً كيف سيدخل أصحاب تلك الشركة لمزاد قصر السلاملك ومن شروطه أن يكون لديهم سابقة أعمال فندقية درجة أولى على الأقل (15) عاما.
فاتصلت بوزير السياحة هشام زعزوع اسأله عن الشائعات التى تملأ السوق حول أن السلاملك سيطرح فى مزاد وأن اصحاب تلك الشركة السابقة سيتقدمان لذلك المزاد.
فرد نعم سيتقدمان مثلهما مثل أى متقدم، سألته: ولكن كيف والشروط معروفة للمتقدم ؟
فرد : لقد تم تغيير الشروط منها أن يكون المتقدم صاحب سابقة أعمال أو يكون لديه شركة وإذا لم يكن لديه سابقة أعمال فى الفندقة يستعين بشركة إدارة لديها تلك المواصفات لتدير المكان على أن يكون صاحب الشركة صاحب رأس المال. ساعتها بادرت الوزير بالسؤال أن معنى هذا أن مقاولى الأنفار سيتقدمون للمزاد مع الاستعانة بشركة إدارة؟ فرد: عادى هم أو غيرهم، فسألته سؤالا مباشرا لماذا تم تغيير شروط المزاد للسلاملك ؟ فرد أنه بعد وصول مطعم أسماك لرقم فلكى 7.5 مليون جنيه فى العام وخلافه وقبله كابينة بـ 1.400 مليون جنيه تغيرت الموازين ومعنى ذلك أن فندق السلاملك الذى كان وسيم يعتبر أن أقصى ما يمكن دفعه فيه بالعام ( 3) ملايين جنيه أصبح غير مطروح الآن وتغيرت الموازين إذن الفندق يمكن أن يأتى بأكثر من ذلك.
وتأتى الصدمة التالية أن وسيم مدير السلاملك السابق والذى حاربت كثيرا من أجله قد تحالف مع اصحاب تلك الشركة ليكونا شريكين هو لشركة إدارة لديها الخبرة المطلوبة وهم رأس المال.
سألت وسيم فأنكر فى البداية ثم أرسل لى رسالة عبر الهاتف نعم لقد تحالفت معهم، ويأتى يوم المزاد ليستقر على الشقيقين أصحاب شركة المقاولات كما توقعت وبـ (12) مليون جنيه فى السنة بالإضافة للصيانة مع زيادة 10% كل عام على قيمة التعاقد وأعطت الشركة أقصد شركة المنتزه مهلة (6) أشهر لتجهيز الفندق وافتتاحه.
هنا قامت الدنيا وقعدت كالعادة المصرية إزاى (12) مليونا وكيف سيتم جمع ذلك المبلغ الذى لا يمكن بأى حال من الأحوال تحصيله، ناهيك عن أجور العمالة والإدارة وخلافه، وقتها خرج وزير السياحة هشام زعزوع من الوزارة وجاء التالى لتبدأ فصول جديدة من المهزلة والمؤامرة المدبرة على تراث مصر باسم إدخال أموال لخزينة الدولة.
وهو ما سنفصح عنه ومعركة إنقاذ أثر السلاملك الفاشلة مع رئيس الوزراء والمفاجآت الصادمة بالعدد القادم بإذن الله تعالى.
شهيرة النجار