الحمد لله الذي شرف أولياءه بأنواع الكرامة، ومتعهم بالنظر إلي وجهه الكريم فى دار اقيامة، وخلد بعد الموت ذكرهم، وأبقي على وجه الزمن أثرهم، فهم بعد موتهم فى روضات الجنات يحبرون (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون) والصلاة والسلام على سيدنا مولانا محمد إمام الأولياء، سيد الأتقياء، المؤيد من مولاه بالمعجزات الظاهرة والكرمات الباهرة، ورضي الله تبارك وتعالي عن آله وأصحابه ذوي الهمم العلية، والفضائل الجلية، والأخلاق المرضية، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين (أما بعد).
فإن مدينة الإسكندرية أعزهم الله تعالي وحفظها من نكبات الزمن، لها فى تاريخ الإسلام حظ كبير، وشرف عظيم، فقد سكنها كثير من علماء المسلمين وصلحائهم وأهل الفضل منهم، ولما كانت معظم قبورهم قد محا الزمن أثرها وأخفي معالمها إلا قليلاً جداً مازال باقياً إلي يومنا هذا، ومع ذلك فأكثر هذه القبور الموجودة لا يعرف من سيرة أصحابها إلا النزر اليسير.
لذلك أحببت أن أجمع في كتابي هذا ما وقفت عليه من تراجم من دفن بالإسكندرية من العلماء والأولياء والصالحين ومازال قبره بها معروفا، ليكوون ذلك دافعاً قوياً لمن يزور هذه القبور ليتعظ بها، وليعرف سيرة أصحابها، عسي أن يعمل جهد طاقته في الاقتداء بهم، والسير علي منوالهم، وقد بدأت في كتابي هذا يذكر من دفن بالإسكندرية من أصحاب رسول الله ﷺ وإن كان لا تعرف في الوقت الحاضر قبورهم، ثم من دفن بعدهم من التابعين ولهم قبور معروفة، ثم من جاء بعد ذلك حسب تاريخ وفاتهم الأقدم فالأحدث إل أن أصل إلي من دفن في زمننا هذا ومن أعرف له ترجمة قد أشير إليه وإلي مكان قبره عسي أن يكون غيري قد ترجم له، وذلك في آخر الكتاب وسميته (كتاب أولياء الإسكندرية) ومن الله أستمد العون والتوفق والهداية، فهو حسبي ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين.
شهيرة النجار