كان سيدنا أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه و أرضاه يحج عاماً و يقعد في الإسكندرية عاماً و لما حانت إحدى سنوات الحج إنشغلت مصر و جيشها بصد هجمات المعتدين مما جعل السلطان يعتذر لأهل مصر هذا العام عن عدم استطاعته إرسال فرقاً من جيش مصر تحمي الحجيج ذهاباً و إياباً ، و قد أفتاهم سيدي العز بن عبد السلام رضي الله عنه بذلك قبل أن يلحق بطريق سيدي أبي الحسن الشاذلي و يكون من تلامذته ، و كانت فتواه أنه لا يجوز السفر في عدم وجود الأمن و الجيش.
فأبلغ الناس سيدنا أبا الحسن الشاذلي بذلك ، فأجتمع الناس يوم الجمعة بالمسجد عليهما و قد سأل سيدي أبو الحسن الشاذلي سيدي العز بن عبد السلام سؤلاً فقال له :
أرأيت لو أن رجلاً جُعلت له الدنيا خطوة واحدة هل يباح له السفر في المخاوف أم لا ؟!
فقال سيدى العز بن عبد السلام : من كان على هذه الحال فهو خارج عن هذه الفتوى و غيرها
فقال له سيدي أبو الحسن الشاذلي : أنا والله الذي لا إله إلا هو ممن جُعلت لي الدنيا كلها خطوة واحدة سهلها و جبلها و برها و بحرها و إذا رأيت ما يخيف الناس أتخطى بهم حيث الأمن و لابد لي و لك من المقام بين يدى الله عز و جل حتى يسألني عن حقيقة ماقلت لك “و كانت هذه إشارة لكون سيدي ابو الحسن سيجعله من أبناء طريقته و يرقيه مراقي كبار العارفين”.
ثم سافر سيدنا أبو الحسن الشاذلي بالمحمل و الحجيج المصري بلا أي جيش يحميهم و بلا أي حراسة أو أي سلاح فكان هو رضي الله عنه المتعهد بحمايتهم كما تقدم من قوله رضي الله عنه و أرضاه.
و فى السفر حصلت الكرامات التي لم يصدقها الفقهاء في مصر إلا لما رأوها بأعينهم و دونتها الكتب!!
فكان سيدي أبو الحسن يمشي بين الحجيج كالبدر في السماء و الشمس في ضحاها
و هو كفيف البصر
فكمن اللصوص من الأعراب و قطّاع الطرق و الهاربين من الأحكام لقافلة المحمل و الحج المصري
فكانوا كلما انطلقوا بخيلهم و أسلحتهم نحو القافلة يجدون سوراً عالياً منصوباً على القافلة فلا يستطيعون النفاذ منه إلى أي فرد من الحجيج
فعلموا أن الأمر هو كرامة من الله عز و جل لأحد أوليائه فى المحمل فسألوا إذا ما كان بين الحجيج رجلاً صالحاً فعرفوا أنه هو سيدي أبو الحسن الشاذلي
فنادوا من خلف الأسوار مذعنين بالتوبة يبكون و رقت قلوبهم لله و حنّت
و تابوا على يد سيدي أبو الحسن
و ذهب سيدي أبو الحسن بالحجيج و اللصوص للحج و زيارة سيدنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم و رجع بهم إلى مصر أولياء!!
فلما دخل القاهرة استقبله الفقهاء و وزير مصر و قائد جيشها فرأوا المجرمون اللذين كانوا يطلبونهم نُسّاكاً و عبّاداً لله تعالى فسألوا سيدي أبو الحسن فقال لهم :
إسألوهم عما رأوه
فأخبروا الفقهاء بالكرامة التي حدثت و هي منعة الله للحجيج ببركة سيدي أبو الحسن
ثم قال سيدي أبو الحسن الشاذلي لسيدي العز بن عبد السلام :
يا فقيه والله لولا تأدبي مع جدي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لأخذت المركب من هاهنا و تخطيت به إلى عرفات “يعني بخطوة واحدة” فقال له سيدي العز باكياً :
آمنت بالله ، ثم قال له سيدي أبو الحسن :
أنظر من مكانك أنت و الواقفون أجمعين
فإذا بهم يرون البيت الحرام و الكعبة فصاح الناس و الفقهاء بالصلاة على سيدنا محمد من هول كرامة الموقف و قدر سيدي أبا الحسن الشاذلي عند ربه!!
فوضع سيدي العز بن عبد السلام رأسه بين يديي سيدي ابو الحسن الشاذلي باكياً و قال له :
أنت شيخي يا مولانا فقال له سيدي أبو الحسن :
بل أنت أخي إن شاء الله.
مدد يا أهل المدد
و صل اللهم و سلم و زد و أنعم و بارك على الحبيب المصطفى و آله
شهيرة النجار



and then