ورأيت العالم حولي كله محكمًا دقيقـًا منضبطـًا لا مكان فيه للهزل ولا للعبث ..
ولو كانت حياتي عبثا كما تصور العابثون ونهايتها لا شيء .. فلماذا أبكى ولماذا أندم ولما أتحرق وألتهب شوقـًا على الحق والعدل وأفتدى هذه القيم بالدم والحياة .
رأيت النجوم تجرى في أفلاكها بقانون ورأيت الحشرات الاجتماعية تتكلم والنباتات ترى وتسمع وتحس ورأيت الحيوانات لها أخلاق ورأيت المخ البشرى عجيبة العجائب يتألف من عشرة آلاف مليون خط عصبي تعمل كلها في وقت واحد في كمال معجز ..
ولو حدث بها عطل هنا أوهناك لجاء في أثره الشلل والعمى والخرس والتخليط والهذيان وهي أمور لا تحدث إلا استثناء فما الذي يحفظ لهذه الآلة الهائلة سلامتها ومن الذي زودها بكل تلك الكمالات .
ورأيت الجمال في ورقة الشجر وفي ريشة الطاووس وجناح الفراش وسمعت الموسيقى في صدح البلابل وسقسقة العصافير وحيثما وجهت عيني رأيت رسم رسام وتصميم مصمم وإبداع يد مبدعة .
ورأيت الطبيعة بناءً محكمًا متكاملا تستحيل فيها الصدفة والعشوائية ، بل كل شيء يكاد يصرخ .. دبرني مدبر .. وخلقني مبدع قدير .
كتاب “حوار مع صديقي الملحد.
د : مصطفى محمود رحمه اللَّه
شهيرة النجار