لا أجد كلمات تعبر عما أصابني من حزن وألم لفراق واحد من أعز الأصدقاء وليس صديقا عاديا بل صديقا فوق العادة
اخاً كبيرا وأبا حنونا وزميلا رائعاً في زمن عزت فيه كل معاني السمو والرقي
فقدت الصديق الوفي الصحفي اللبناني المولد العاشق لتراب مصر
وليد العلايلي
ظللت طوال الأيام الماضية منذ صعدت روحه الطاهرة لباريها عصر يوم عيد الأضحى المبارك بعد صراع مع المرض اللعين الذي داهمه منذ شهور قليلة فقط بكل شراسة
لا استطيع الإمساك بالقلم للكتابة أو حتي أكتب سطورا عبر وسائل التواصل الإجتماعي انعيه
فقدت القدرة من شدة الصدمة علي نعيه
يعز عليا كتابة سطور رحل وليد العلايلي
ولكنها إرادة الله
والموت هو الحقيقة الوحيدة في حياتنا
كان وليد العلايلي العاشق لمصر سليل واحدة من أكبر بيوتات صيداً في لبنان الشقيق
قد جاء ليدرس الطب في القاهرة بالقصر العيني
ولكن مهنة الصحافة قد سحرته وكما نقول النداهة ندهته فترك الطب ولم يكمل طريقه الذي رسمته له الأسرة
وانخرط في العمل الصحفي
ليعمل في أهم صحيفة بلبنان هي صحيفة الحوادث اللبنانية والتي للصدفة يكون صاحبها ومؤسسها هو الصحفي الشهيد الراحل سليم اللوزي الذي يعد واحد من أساطير الصحافة اللبنانية وصديق كل نجوم لبنان وسياسيها منذ اربعينات القرن الماضي وكتب مذكرات وحاور كل نجوم لبنان اسما اسما
والذي يلعب القدر لعبته ويتزوج وليد من كريمته السيدة أسماء اللوزي ليكون عشقه للصحافة عملا ونسبا
انتقل وليد للعيش في مصر
عاملا كمراسلا للصحيفة ولصحف ومجلات
النهار اللبنانية والأفكار ونادين
والإذاعة والتلفزيون الكويتية
نقل وليد مصر بكل حياتها وصخبها وفنها للبنان فكانت مصر بصورتها الزاهية مسطرة بقلم وليد العلايلي
لم يكتب يوماً كلمة سوء في حق مصر
كتب صورة مصر الحلوة
كان يرفض ان يكتب قضايا أو موضوعات تهز من صورتها الحلوة
كان يقول لي عيب عليا وعيب في حقي أكتب الموضوع الفلاني رغم انه قضية رأي عام مصري
كان يقول تيجي من غيري
لكن أنا لاء
أنا أكتب عن أهلها ونجومها الحلو بس غير كدا لاء
أحبها حتي ذاب فيها ومات فيها
كان وليد بقلمه سفيرا في صحف بيروت لمصر.
وكان وليد بشحمه ولحمه سفيراً شعبياً لأبناء جاليته في مصر
وسطيا بين أبناء الجالية في مصر وبين سفارتها
يحل مشاكلهم ويتوسط لطلابها في مصر
كان قلبه قبل بيته مفتوحاً بكل كرم لكافة الأطياف الفنية والسياسية والدبلوماسية في مصر
كذلك لكل الصحفيين المصريين
وحمامة سلام بين الكل
كان بالنسبة لي مرجعية جبارة في السير الفنية والإجتماعية حافظاً لها باليوم والساعة والاسم
لم تخنه ذاكرته يوماً في سرد تفاصيل لا يعلمها إلا هو لانه كان أما شاهد عيان عليها
أو حاضراً عبر الهاتف لها أو مذاكرا لها
قدم عمره للصحافة ونجم شباب أصبحوا نجوم صف أول
ووقف بجوار من ظلمهم الزمن والفن
أسرته الصغيرة والكبيرة أهل كرم وعز
ورغم تجرعه الم الفراق برحيل نجله سليم في أحداث ثورة يناير مصادفة شهيداً برصاصة مجهولة لقي ربه قبل زواجه بشهور إلا انه لم يكفر بما اعتنقه من عشق لمصر وظل بها حتي توفي بها
زوجته السيدة الخلوقة أسماء اللوزي سلسلة بيت اللوزي بلبنان تتصل بصلة قرابة كبيرة لأسطورة مصر رفعت الجمال الشهير وسط العامة برأفت الهجان نسبة للمسلسل الشهير
فوالدتها بنت عم رفعت الجمال
وشقيقة الراحل وليد هي سيدة الأعمال اللبنانية الجنسية العاشقة والمقيمة بمصر بارعة العلايلي واحدة من أهم المطورات العقاريات وصاحبة توكيلات غالبية الماركات العالمية للملابس والعطور في مصر وسيدة المجتمع المحبوبة من الكل في مصر مثله تماماً قلبها بيتها مفتوحاً للكل
تواسي في الأحزان وتشارك في الأفراح
حبيبة الكل لايختلف عليها إثنان بنت عز واصل ونسب كريم
وليد العلايلي شهد مولد نجوم كانوا علي باب الله
وأفول نجومية ميات منهم بمصر ولبنان والوطن العربي
وارتبط بصداقة عمر مع الراحلين جورج سيدهم وسمير غانم ولعل غدر شقيق جورج سيدهم به وماحدث له بعد ذلك جعل وليد العلايلي يدخل في نوبة اكتئاب وبعد عن الوسط الفني
ينقل اخباره ويكتبها صورة وقلما من بعيد
ظل عاشقاً في محراب صاحبة الجلالة حتي بعدما أوصدت بيروت أقفال صحفها واغلقت وأفلست وسرحت رجالاتها
لم يقل يوماً لقد أضعت عمري في هراء
بل كان يقول عملت اللي كنت بحبه
عندما كانت الصحافة صحافة
وليد العلايلي السفير الشعبي
كما نعاه السفير عبد المولي الصلح كان السفير الشعبي لأهل لبنان في مصر
الصديق الصدوق.
الحنون الطيب القلب والسريرة
نعاه نقيب الصحفيين اللبنانين ان بيته في مصر كان بيت كل اللبنانين
ومضيفة كل الأطياف الدبلوماسية والسياسية
آخر مكالمة مطولة بيني وبينه رحمه الله عندما هاتفني يصوّب لي ما ذكرته عن أحد رجال الأعمال اللبنانين من أصل فلسطيني
قائلاً لي
فلان ليس بالصورة التي كتبتيها
عندما كتبت سلسلة حلقات رجال أعمال من أصل فلسطيني
قال لي
فلان … وأمواله هي أموال منظمة التحرير الفلسطينية
وهو اللي فعل كذا وكذا
وجدتني أمام قاموس
قلت له طب إزاي وكل المكتوب عن فلان غير كدا ؟
فرد أنا عملت معه وكنت أعرفه جيداً
أخذت كلامه محمل الجد وسألت أخرين متابعين لذلك الشأن فأكدوا ماقاله الراحل وليد العلايلي
كان رحمه الله شخصية نادرة
خلقا وذوقا وعملاً
ونادرا ماتجد في الوسط الصحفي واحداً يجمع كل الحسنات
علم وعائلة وعلاقات محبة بالكل
رحمه الله لم يأخذ من الصحافة بقدر ما أعطاها
ولكن يكفيه انه جني محبة الجميع
صنع نجومية كثيرون من لاشيء
وجنوا الشهرة والمال
وظل هو خلف الكي بورد يسطر سطوره
حتي أوصدت الصحافة أبوابها
شهد أيام عزها وشهد وفاتها
ألف رحمة ونور عليك يا رفيق الدرب ياصديقا جاد الزمان علينا به نسمه
كان ريحة لبنان والجبل
كان نسمة الزمن المتوهج من عصر القمم
كان هنا في زمننا وليد محمد العلايلي
عالي الأخلاق صاحب السمو
ابن الأصول عالي من اسمه نصيب
كانت وصيته ان يدفن في مقبرة والدته في صيداً بلبنان وكان له ما طلب
نقل ودفن أمس
سامحيني ياصديقي لم أكتب نعيك في لحظتها وكأني أسمع صوتك في أذني يعاتبني
اكتبي نعيي منتظرة اي؟
ادفنت خلاص
دفن الفارس النبيل
آخر لقاء جمعني به عندما دعاني لحفل كارول سماحة في الأوبرا وجاء خصيصاً من القاهرة ليدعم أبناء جاليته والقنصل اللبناني بالإسكندرية
اي صورة كنت ابحث عنها
كنت أجدها عنده حتي لو مر عليها سنوات
كان محتفظاً بأرشيف كامل لحياة مصر الفنية والإجتماعية لايوجد في اي مؤسسة صحفية كبري
كان مختلفاً حتي في التميز الراقي
الفاتحة علي روحه الطاهرة
شهيرة النجار