شارك المقال

الفقر ليس سبباً للقلق، و الفشل ليس سبباً للقلق،
إن الإيمان يمكن أن يغطي كل هذه الثغرات،
و يجعلها حلقات ذات معنى في قصة كفاح لذيذ.

إن سر القلق هو أننا نعيش بلا دين، بلا إيمان، وأن ديانتنا من الظاهر فقط، كلمات على الألسن في المناسبات، وصلوات تؤدى بحكم العادة.
“إن القلق مرض روحاني أصيل،
إن سببه هو إفتقاد المعنى في الحياة.. “

إن التفوق العلمي و المادي لم يصاحبه تفوق روحي، إننا عمالقة في أدواتنا و آلاتنا، سيارة و طائرة و صاروخ و قمر صناعي و لكننا ظللنا أقزامًا في حكمتنا.

عندنا ماده.. و ليس عندنا تصرف و عندنا عضلات و ليس عندنا خلق، عندنا علم و ليس عندنا حب.
حضارتنا فيها نقص خطير في الغدد، في الهرمونات ،
في المعنويات و كلمة المعنويات تظل دائما غير مفهومة بالنسبة للإنسان القلق.

إنه يعاني و يتعذب و لكنه يتمسح بأسباب عادية يظن أنها أسباب تعاسته .. الزوجة عندها فريجيدير و غسالة و سخان و عربة واقفة على الباب .. و زوج طيب و مصروف تشتري كل يوم ما تحتاجه و ما لا تحتاجه .. و نصف ما تشتريه مركون في الدولاب لا تلبسه.

و مع ذلك فهي تخون زوجها و تصرخ في ضجر و تبرم قائله:
أنا مش طايقة العيشه الضيقه دي، إيه الفقر ده.
و هناك فقر فعلًا و لكنه ليس فقرًا في ماديتها كما تظن وإنما فقر في معنوياتها.

و حينما تقول لها هذا تقول في براءة و حيره.
يعني إيه كلمة معنويات دي!!
و هي صادقه في سؤالها، لأن المعنويات شيء مفقود في حياتها، شئ لا تعرفه و لا تفهمه و لكن هذا الشئ الخطير المفقود شيء خطير١، شئ مثل الهرمونات في الدم فقده يقتل.

الهرمونات منظمات كيماويه للجسمو.. و المعنويات بالمثل منظمات روحيه للأفكار و العواطف و الأهداف ..
إنها مثل الهيكل العظمي للنفسية و الشخصية. هي التي تجعل لها شكلاً و إتجاهًا .. و بدونها تصبح الشخصية متهافتة مشتتة بلا إتجاه.. تصبح قلقاً و سخطًا و ضجرًا و تبرمًا ..
و القلق حقيقة مرعبة هذه الأيام .. ليس بين شبابنا وحدهم بل بين شباب العالم كله..

القلق محنة عالمية سببها أن هناك عجزًا في المعنويات .. التفوق العلمي المادي في السنوات الأخيرة لم يجد له غطاء من التفوق الروحي فتحول الإنسان إلى مارد بلا قلب.
و إختلت شخصيته.

و طوق النجاة هو ظهور حقيقة روحية تسد حاجة عقلنا العلمي المتفوق .. و تعطي لقوانا النامية كفايتها من الفهم ..
البحث عن إيمان .. هذا هو الحل ..
إبحث عن إيمانك إذا كنت قلقاً .. و حينما ستجد إيمانك ستجد نفسك ..

..

من كتاب ” الأحلام “
د مصطفى محمود رحمه اللَّه

شهيرة النجار