علم عيسى هو الذي جهل الخلق قدره
كان يحيى به الذي كانت الأرض قبره
قاوم النفخ إذن من غاب فيه و أمره
شأن لاهوته الذي كان في الغيب صهره
هو روح ممثل أظهر اللّٰه سره
جاء من غيب حضرة قد محا اللّٰه بدره
صار خلقا من بعد ما كان روحا فغره
و انتهى فيه أمره فحباه و سره
من يكن مثله فقد عظم اللّٰه أجره
[في نفس الرحمن]

و قد عرفنا الحق أن سبب الحياة في صور المولدات إنما هو النفخ الإلهي في قوله
فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
و هو النفس الذي أحيا اللّٰه به الإيمان فأظهره
قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن
فحييت بذلك النفس الرحماني صورة الإيمان في قلوب المؤمنين و صورة الأحكام المشروعة
فأعطى عيسى علم هذا النفخ الإلهي و نسبته
فكان ينفخ في الصورة الكائنة في القبر أو في صورة الطائر الذي أنشأه من الطين فيقوم حيا بالإذن الإلهي الساري في تلك النفخة و في ذلك الهواء
و لو لا سريان الأذن الإلهي فيه لما حصلت حياة في صورة أصلا
فمن نفس الرحمن جاء العلم العيسوى إلى عيسى
فكان يحيي الموتى بنفخه عليه السلام
و كان انتهاؤه إلى الصور المنفوخ فيها
و ذلك هو الحظ الذي لكل موجود من اللّٰه و به يصل إليه إذا صارت إليه الأمور كلها
محيي الدين ابن عربي الفتوحات
المكية
الباب العشرون
في العلم العيسوى و من أين جاء و إلى أين ينتهي و كيفيته
و هل تعلق بطول العالم أو بعرضه أو بهما
شهيرة النجار


and then