أرشيفمقالات

معرض مقتنيات فاتن حمامة أسرار جديدة من حياة عاشقة الفن !

شارك المقال

أتوقف فى المعرض الذى نظمته مكتبة الإسكندرية «إدارة  التوثيق للتراث» برئاسة النشيطة شيرين الصاوى التى  جمعت  من قبل التراث وأعمال ومقتنيات «محمود المليجى ونور الشريف والموسيقار على إسماعيل وزوجته  الشاعرة حياة قنديل»..
 معرض هذه المرة كان من نصيب  سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة الذى كان أيضا من نصيب الإسكندرية، حيث كانت جميع المعارض  السابق ذكرها فى بيت السنارى بالسيدة زينب، كان معرض سيدة الشاشة يتضمن مقتنيات من فساتينها النادرة التى ظهرت بها فى أفلامها ونظارتها الطبية والشمسية وسلسلة مفاتيحها وكل ما تم كتابته عنها فى مشوارها الفنى بجميع الصحف والمجلات وحضر المعرض الذى أمده بكل ما لديه زوجها الدكتور محمد عبدالوهاب وابنتها من زوجها الأول المخرج والمؤلف محمود ذو الفقار نادية ذو الفقار، وكان مفاجأة الافتتاح وقتها الدكتور مصطفى الفقى والدكتور إسماعيل سراج، لتكون الأيقونة التى أكملت المعرض كتاب فاتن حمامة للكاتبة زينب عبدالرزاق الذى كان دردشات مع فاتن حمامة قبل رحيلها باحت فيه بالكثير من أسرارها التى لم تنشر من قبل وطلبت ألا يتم النشر إلا بعد رحيلها فعملت الكاتبة بالوصية وحققت ما طلبت الراحلة. وها هى السطور التالية أنشر لكم بعض مقتطفات من ذلك الكتاب الشيق  الذى يقع فى 307 صفحات من القطع المتوسط حاملا على غلافه صورة سيدة الشاشة فى مرحلة السبعينيات من القرن الماضى والكتاب أربعة أبواب وأربعة ملاحق يتضمن الباب الأول بعد المقدمة والبداية بالطبع مذكرات فاتن حمامة كما كانت ترويها والباب الثانى من حوارات سيدة الشاشة فى ديسمبر 1996 وديسمبر 2010 ويناير 2011 ومارس 2014 وأبريل 1991 والباب الثالث فى عيون هؤلاء حوارات وشهادات منى ذو الفقار ومصطفى أمين وسعد الدين وهبة وعبدالرحمن الأبنودى ويوسف إدريس ويوسف القعيد ورفيق الصبان وداود عبدالسيد وسكينة فؤاد وخيرى شلبى وكمال الشيخ وسناء البيسى أما الباب الرابع فعن أسرة فاتن حمامة يتحدث عنها الدكتور محمد عبدالوهاب ووالدها أحمد حمامة رسالة إلى ابنتى ونادين حمامة عمتى فاتن، وأخيرا الملاحق الأول هو بيان بجميع أعمال فاتن الفنية.. والحقيقة هو ببلوجرافيا رائعة ومجهود يحسب للكاتبة والثانى بيان مديرى تصوير أفلام فاتن، والثالث بيان بأهم التكريمات التى نالتها فاتن على مدار حياتها الفنية والرابع مشاركات فاتن حمامة فى مهرجانات سينمائية دولية.
الباب الأول بالكتاب يتحدث عن فكرة ظهور وجه الطفلة أنيسة ذات الست سنوات، حيث كان المخرج محمد كريم يدرس بالخارج وعاد لمصر ليلتحق بمطبعة مصر التى أنشأها وقتها طلعت حرب وبدأ كريم حياته الفنية بفيلم قصير عن حدائق الحيوان، ولم يكن هذا طموحه وكان قد قرأ رواية زينب لمحمد حسين هيكل أثناء دراسته بباريس ونجح فى تصويرها بطولة عزيزة أمير.. واعتبر ذلك ميلاداًً للسينما المصرية ومضى كريم فى طريقه ليخرج أول فيلم غنائى ناطق هو (الوردة البيضاء) ثم (دموع الحب) لعبدالوهاب، وأغرى الفيلمان، والضجة التى حدثت حولهما عبدالوهاب  بالاستمرار.

 يوم سعيد

وبدأ كريم يستعد لإخراج فيلم ثالث وهو (يوم سعيد) وكان كريم مغرما بتقديم الوجوه الجديدة المصرية فأضاف دور (أنيسة) البنت التى لا يزيد عمرها على ست سنوات وهى النموذج الساذج البرىء فى الفيلم الذى ينشر فى ثناياه جو المرح والابتسام وتقدم فاتن حمامة فى دور حمامة السلام بين عبدالوهاب وحبيبته عندما تحاول المرأة الثرية أن تغازله وتستولى عليه ومن فرط إعجاب كريم بأداء فاتن أنيسة كان يحتفظ بصندوق شوكولاته لكى يعطيها قطعة منه بعد أن تنتهى من  أداء كل مشهد.
 وكانت مشاهد كثيرة تجمع بين الفتاة الصغيرة أنيسة ومدرس الموسيقى عبدالوهاب وكانت أنيسة حاملة له طعاما أعدته له أمها (فردوس محمد) وتحاوره بعبارات أكبر من عمرها عن حياته بمفرده والوحدة وتحكى له القصص البريئة وكان تطويع فتاة صغيرة فى سن السادسة من عمرها لتعيش هذا الدور أول تجربة فى حياة فاتن حمامة العملية التى بدأت مبكرا.
ولم تكن السينما المصرية قد اعتادت أن يكون لها ممثلون من الأطفال فى مثل سن فاتن حمامة، ومن هنا كان تقديم  محمد كريم لفاتن الطفلة حدثا فنيا عظيما وكان أداؤها لدور أنيسة أشبه بمعجزة لا يكاد أحد يصدقها بل ارتفعت أصوات كثيرة تردد أن هذه الفتاة لا يمكن أن يكون عمرها ست سنوات بل أكثر من ذلك وهم يخادعون الجمهور والنقاد.
 وكان أجر أنيسة فى (يوم سعيد) عشرة جنيهات وتم عرض الفيلم فى (1940) وبعد ذلك عادت فاتن للمدرسة بعد أن مثلت دور أنيسة فى يوم سعيد لتجد نفسها مشهورة وسط زميلاتها إلى حد أنهن أصبحن يعاملنها معاملة خاصة، ومنذ ذلك اليوم الذى عادت فيه فاتن إلى المدرسة تعمق فى نفسها منذ تلك السن المبكرة الشعور بأنها فقدت خصوصيتها وفقدت الإحساس بأنها طفلة عادية أينما ذهبت وأينما ظهرت التف  حولها الناس وأحاطت بها النظرات من الجميع، وقد يكون هذا هو السبب فى أن فاتن حمامة تحب الوحدة والبعد الدائم عن الأماكن المزدحمة.
 وقد حرص والدها أحمد حمامة على أن تعود للمدرسة ورفض عروضا كثيرة لتعمل ابنته بالسينما وبعد حوالى ثمانى سنوات كان عمر فاتن وقتها (14) عاما انتقلت الأسرة من المنصورة للقاهرة  وواصلت فاتن دراستها على أنها فتاة عادية إلا أن المخرج محمد كريم لم ينس اكتشافه العبقرى وعاد ليقدمها أمام عبدالوهاب مرة ثانية فى (فيلم رصاصة فى القلب) وكانت فاتن تقوم بدور الأخت الصغرى لراقية إبراهيم لاحظوا الأخت الصغرى لراقية إبراهيم التى سيجىء يوم وتنافسها فاتن على إيرادات الأفلام ونجوميتها تجبر راقية على الاعتزال بل ترك مصر بعد أن فشلت كل محاولاتها فى إطفاء نجاحات ونجومية فاتن، ونعود لدور  فاتن فى (رصاصة فى القلب) وكان سراج منير بالفيلم صديق عبدالوهاب خطب راقية واستعار خاتما من صديقه عبدالوهاب وكانت فاتن تظهر فى حفل خطبة راقية لسراج منير وتفقد كلبها الصغير ودورها الصغير عاد ليضعها فنيا على الخريطة الفنية مرة أخرى وكان وقتها يوسف وهبى يمثل وينتج ويخرج فيلم (ملاك الرحمة) الذى قامت ببطولته راقية إبراهيم، وكانت القصة تحكى عن زوجين ينفصلان بالطلاق ولهما ابنة فى عمر الزهور وتستطيع أن تجمع بينهما مرة أخرى ليعيد دور الابنة الصبية اكتشاف فاتن حمامة من جديد فإذا هى تقفز مرة أخرى لبؤرة السينما  المصرية بوصفها فنانة كبيرة واعدة فى مستقبل الأيام، وبعد ملاك الرحمة عاد يوسف وهبى ليقدم فاتن حمامة مرة ثانية فى فيلم القناع الأحمر وهو الفيلم الوحيد الذى مثلته فاتن مع كاميليا، وفى هذا الفيلم كانت تلعب فاتن دور الأخت الصغرى لكاميليا الغانية التى تضحى بكل شىء من أجل إبعاد أختها عن طريق الشر.


 وفى هذا الوقت شرع (زكى طليمات) فى افتتاح معهد للتمثيل وكان يهدف إلى أن يضم مجموعة من المواهب الشابة ولا مانع من أن يكون لها وجود فى الحياة الفنية.
 ونجح (زكى طليمات) فى أن يختار الدفعة الأولى للمعهد الذى أصبح يفتح أبوابه فى دراسة مسائية بمدرسة نوبار الثانوية بشارع نوبار فى وسط البلد.
 وكان ذلك فى عام 1945 وكانت فاتن فى هذه الدفعة الاصغر سنا واكتشف زكى طليمات بعد فترة قليلة أن فاتن تعانى من لدغة فى لسانها وأنها لا تستطيع أن تنطق حرف الراء وتحوله عندما تنطق  لحرف الغين وبدأ طليمات يهتم بالطالبة فاتن اهتماما  خاصا وبدأ يمرنها على حرف الراء وكان المران صعبا.
 وكانت فاتن بعد فيلم ملاك الرحمة والقناع الأحمر ليوسف وهبى بشهادة الجميع ممثلة موهوبة.
 حيث قال عنها يوسف وهبى إنها قنبلة صاعدة كانت دفعتها فى المعهد هى  دفعة فريد شوقى ونعيمة وصفى وسميحة أيوب وعبدالحميد الزرقاني، وتعلمت فاتن بالمعهد فن الإلقاء وكيف تحتفظ بآخر لفظ فى الحوار  وألا يضيع منها وكيف تتنفس بطريقة صحيحة وأثناء الكلام.
 وبعد فيلمى (يوسف وهبى) قدمت (فاتن حمامة) وهى فى سن (14) سنة «المليونيرة الصغيرة» مع (رشدى أباظة) ثم فيلم «العقاب» وكان أول لقاء مع محمود المليجى الذى قالت عنه فاتن حمامة بالكتاب  إنه ذو  قلب طيب وفنان عظيم وشخصية قوية وتروى فاتن حمامة أنه فى أثناء تصوير أحد المشاهد كان ينظر لها المليجى بعينين حادتين فكانت تشعر أنها نسيت الكلام ويضيع منها وتكرر الأمر عدة مرات فاضطرت أن تشتكى لهنرى بركات الذى قال هذه الملاحظة للمليجي، ثم قدمت فيلم (اليتيمتان) و(ست الستات) وكان عمرها (16) سنة وأحبت جدا فيلم (اليتيمتان) مع حسن الإمام مخرجا وبعد هذا الفيلم قدمت معه فيلم (أنا بنت ناس) والعمل مع  حسن الإمام كما قالت سيدة الشاشة ممتع ولديه قدرة على خلق جو من التسلية والمرح وتروى فاتن أن الذى علمها أن تؤدى دور الفتاة الكفيفة فى فيلم «اليتيمتان» هو الفنان (فاخر فاخر) كيف تكون نظراتها ضائقة شاردة وتائهة.
 وكانت هذه النوعية من الأفلام الميلودراما هى مزاج الناس وقتها ولاقت إعجابا شديدا وكان ذلك موجوداً فى السينما العالمية، خاصة الإيطالية التى كانت السينما المصرية تقلدها وقتها.
 الكتاب فى حقيقة الأمر شيق وجميل ويحتاج أن تعرض منه أجزاء أخرى قدمتها الزميلة زينب عبدالرزاق باقتدار فإلى لقاء بإذن الله.

شهيرة النجار