حَسَمَت اللجنة الدَّائِمَة لِلإفتاءِ في السعودية الجَدَلَ حول وحدة الأديان أو ما يُسَمَّى بِالبَيتِ الإبراهيمي، وفيما يَلِي نَص الفَتوى كما جاءَت لِأَهمِّيَّتِها:
فَتوَى اللَّجنَة الدَّائِمَة لِلإفتاءِ في المملكة العربية السعودية، حول وِحدَة الأديان أو ما يُسَمَّى بِالبَيتِ الإبراهيمي/ الفتوى رقم (19402).
الحَمدُ لِلّٰهِ وَحدَهُ والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَهُم بِإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، أمَّا بعد..
فإنَّ اللجنة الدَّائِمَة لِلبُحوثِ العِلمية والإفتاء استعرضت ما وَرَدَ إليها مِنْ تساؤُلاتٍ، وما يُنْشَر في وسائل الإعلام مِنْ آراءٍ ومقالاتٍ بِشأنِ الدَّعوة إلى (وِحدَةِ الأديان): دِينُ الإسلام، ودِين اليهودية، ودِين النَّصارى، وما تَفَرَّعَ عن ذلكَ مِنْ دَعوَةٍ إلى بِناءِ مسجد وكنيسة ومعبد في مُحِيطٍ واحِدٍ، في رِحابِ الجامعات والمطارات والسَّاحات العامَّة، ودعوة إلى طِباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غِلافٍ واحِدٍ، إلى غيرِ ذلكَ مِنْ آثارِ هذه الدَّعوة، وما يُعقَدُ لها مِنْ مُؤتَمَراتٍ ونَدَواتٍ وجمعياتٍ في الشرق والغرب؛ وبَعدَ التَّأَمُل والدِراسة فإنَّ اللجنةَ تُقَرِّرُ ما يَلِي:
أولًا: إنَّ مِنْ أُصُولِ الاعتِقادِ في الإسلام، المَعلُومَة مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، والتي أجْمَعَ عليها المُسلِمُونَ: أنَّهُ لا يُوجَدُ على وَجهِ الأرضِ دِين حَقّ سِوَى دِين الإسلام، وأنَّهُ خاتِمَة الأديان، وناسِخ لِجَمِيعِ ما قَبلَهُ مِنَ الأديانِ والمِلَلِ والشَّرائِع، فَلَم يَبْقَ على وَجهِ الأرض دِينٌ يُتَعَبَّد اللّٰه بِهِ سِوَى الإسلام، قال اللّٰه تعالى: إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ.
ثانيًا: ومِنْ أُصُولِ الاعتقادِ في الإسلام: أنَّ كِتاب اللّٰه تعالى: (القُرآن الكريم) هو آخِرُ كُتُبِ اللّٰه نُزُولًا وعَهدًا بِرَبِّ العالمين، وأنَّهُ ناسِخٌ لِكُلِّ كِتابٍ أُنزِلَ مِنْ قَبْل؛ مِنَ التَّوراةِ والزَّبُورِ والإنجيلِ وغيرِها، ومُهَيمِنٌ عليها.
ثالِثًا: يجب الإيمان بأنَّ التوراة والإنجيل قد نُسِخا بِالقُرآنِ الكَرِيمِ، وأنَّهُ قد لَحِقَهُما التَّحرِيف والتَّبدِيلِ بِالزِّيادَةِ والنُقصانِ، كما جاءَ بيان ذلك في آياتٍ مِنْ كِتابِ اللّٰه الكريم.
رابعًا: ومِنْ أُصُولِ الاعتقادِ في الإسلام: أنَّ نبينا ورسولنا مُحَمَّدًا، هو خاتَم الأنبياء والمُرسَلِينَ.
خامِسًا: ومِنْ أُصُولِ الإسلامِ أنَّهُ يجب اعتقاد كُفر كُلَّ مَنْ لَم يَدخُل في الإسلامِ من اليهودِ والنَّصارَى وغيرهم، وتَسمِيَتَهُ كافِرًا مِمَّن قامَت عليه الحُجَّة، وأنَّهُ عَدُوٌ لِلّٰهِ ورَسُولِهِ والمُؤمنين، وأنَّهُ مِنْ أهلِ النَّار.
سادِسًا: وأمام هذه الأُصُول الاعتِقادِيَّة، والحقائِق الشَّرعِيَّة، فإنَّ الدَّعوة إلى (وِحدَةِ الأديان) والتَّقارُب بينها وصَهرها في قالَبٍ واحِدٍ، دَعوَةٌ خَبِيثَةٌ ماكِرَةٌ، والغَرَض منها خَلط الحَقّ بِالباطِل، وهَدم الإسلام وتقويض دعائِمَهُ، وجَر أهله إلى رَدَّةٍ شامِلَةٍ.
سابِعًا: وإنَّ مِنْ آثارِ هذه الدَّعوة الآثِمَة إلغاء الفَوارِق بينَ الإسلامِ والكُفْرِ، والحَقِّ والباطِل، والمعروف والمنكر، وكَسر حاجز النّفرة بين المسلمين والكافرين، فلا وَلاءَ ولا بَراءَ، ولا جِهادَ ولا قِتالَ لِإعلاءِ كَلِمَةُ اللّٰه في أرضِ اللّٰه.
ثامِنًا: إنَّ الدَّعوةَ إلى (وِحدَةِ الأديان) إنْ صَدَرَت مِنْ مُسْلِمٍ، فَهِيَ تُعتَبر (رَدَّة صَرِيحَة عن دِينِ الإسلام) لأنَّها تَصطَدِم مع أُصُولِ الاعتقاد، فَتَرضَى بِالكُفْرِ بِاللّٰهِ، وتُبْطِلُ صِدْق القُرآن ونَسخِهِ لِجَِميعِ ما قَبْلَهُ مِنَ الشَّرائِعِ والأديانِ، وبِناءً على ذَلِكَ فَهِيَ فِكرَة مَرفُوضَة شَرعًا، مُحَرَّمَةٌ قَطعًا بِجَمِيعِ أدِلَّةِ التَّشريع في الإسلام مِنْ قُرآنٍ وسُنَّةٍ وإجماع.
تاسِعًا: وبناءً على ما تَقَدَّم:
١- فإنَّهُ لا يَجوزُ لِمُسلِمٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ رَبًّا، وبِالإسلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ورَسُولًا، الدعوة إلى هذه الفُكرَة الآثِمَة، والتَّشجِيعِ عليها، وتَسلِيكِها بينَ المُسلمينَ، فَضْلًا عن الإستِجابَةِ لها، والدُّخُولِ في مؤتمراتها وندواتها، والإنتماءِ إلى مَحافِلِها.
٢- لا يَجُوزُ لِمُسلِمٍ طِباعة التوراة والإنجيل مُنفَرِدِينَ، فَكيفَ مع القرآن الكريم في غِلافٍ واحِدٍ؟ فَمَن فَعَلَهُ أو دَعا إليه، فَهُوَ في ضَلالٍ بعيدٍ؛ لِمَا في ذلك مِنَ الجَمعِ بين الحَقِّ (القرآن الكريم) والمُحَرَّف أو الحَق المَنسُوخ (التوراة والإنجيل).
٣- كما لا يَجُوزُ لِمُسلِمٍ الاستجابة لِدَعوَة: (بِناءُ مسجد وكنيسة ومعبد) في مُجَمَّعٍ واحِدٍ؛ لِمَا في ذلكَ مِنَ الاعترافِ بِدِينٍ يُعبَدُ اللّٰه بِهِ غير دِين الإسلام، وإنكار ظُهُورِهِ على الدِّينِ كُلِّهِ، ودعوة مادِّيَة إلى أنَّ الأديانَ ثلاثة، لِأهلِ الأرض التَّدَّيُن بأيٍّ مِنها، وأنَّها على قَدَمِ التَّساوِي، وأنَّ الإسلام غير ناسِخِ لِمَا قَبلَهُ مِنَ الأديان، (ولا شَك أنَّ إقرار ذلك واعتقاده أو الرِضا به كُفــرٌ وضَلال؛ لِأنَّه مُخالفة صريحة للقرآن الكريم والسُّنَّة المُطَهَّرَة وإجماع المسلمين).
اللجنة الدَّائِمَة لِلبُحُوثِ العِلمِيَّة والإفتاء.
أُنشُر تُؤجَر أولًا ناكِرًا ورافِضًا لِفِكرَةِ البيت الإبراهيمي، ثُمَّ داعِيًا ومُعَلِّمًا ومُتَعَلِّمًا ومُحتَسِبًا.
شهيرة النجار