أما منزل نجيب الريحاني بحدائق القبَّة، الذي قال بديع خيري في مُقدمة مُذكرات الريحاني، أنَّه بناه وقرَّر في داخلته أن يجعلهُ مقرًا للمُسنين من الفنانين. إلَّا أنَّ الريحاني نفسه لم يدخل هذا البيت ورحل عن الدُنيا قبل أن يسكنه. وقد أُغلق هذا البيت عقب وفاة الريحاني. وقد اختلف شكل هذا القصر كثيرًا عن أوَّل صُورة فوتوغرافيَّة التُقطت له في سنة 1949م، بعدما انتهى المُهندس الإيطالي شارل عيروط من تصميمه وبنائه علي الطراز الإيطالي. وكانت تُحيط به حديقة كبيرة حولها أرض فضاء تحولت إلى كُتلٍ إسمنتيَّة، بناها سُكَّانُ الحي بعدما اشتروها من بديع الريحاني بالتقسيط، إلَّا أنهم توقفوا عن دفع الأقساط بعد القسط الثاني وأنكروا وجود دُيون عليهم لِوارث نجيب الريحاني، بل وصل بهم الأمر حدّ أنهم اعتدوا عليه بالضرب، ممَّا دفعه إلى إغلاق المنزل أكثر من عشرين عامًا حتى استأجرته وزارة الثقافة في سنة 1970م وحوَّلته إلى قصر ثقافة الريحاني. وبحسب أوراق هيئة قُصور الثقافة، فرع ثقافة القاهرة،
فإنَّ الوريث الشرعي الوحيد لِنجيب الريحاني هو ابن شقيقه بديع توفيق الريحاني، والذي يُودع باسمه سنويًا في حساب خاص ببنك القاهرة ما قيمته 400 جُنيه مصرى فقط لا غير، تزيد بنسبة 2% سنويًا، منذ سنة 1970م. وبعد وفاة بديع الريحاني، تحوَّل المبلغ إلى أرملته مرگوري فرانك روبين.
ومن أشهر مُقتنيات الريحاني المفقودة پورتريه من النُحاس البارز صممها له فنَّانٌ فرنسيّ، وكانت بشقَّة الريحاني. وبمُناسبة معرض تأبينه بدار الأوپرا في ذاكره الأربعين، طلبها رئيس الدار، وقتها سُليمان نجيب، من يُوسُف الريحاني. وقد ظلَّت اللوحة بِالدار حتَّى احتراق الأوپرا في سبعينيَّات القرن العشرين؛ إلا أنَّ اللوحة قد بيعت من بقايا حريق لِتاجر قُمامة، قام بفرزها لِيستخرج اللوحة وعدد من الصُلبان من مُقتنيات الدار في الحريق ويبيعها في جوال من الخيش بالكيلو لِراهب بأحد كنائس القاهرة، ثم تنقلت هذه اللوحة على مدار عدَّة سنوات حتى وصلت إلى أحد هُواة المُقتنيات، الذي احتفظ بها، بِالإضافة إلى الفيلم الوحيد لِجنازة الريحاني، ومُدَّته 18 دقيقة، والذي كان من مُقتنيات قصر عابدين، وقد تم تصويره بناءًا على طلب من الملك فاروق لِعرضه على ملوك أوروپَّا، نظرًا لِكون جنازة نجيب الريحاني من أكبر الجنازات التي شُيعت في تاريخ مصر المعاصر، حيث سار في جنازة الريحاني قرابة 5 ملايين مصري وأجنبي من كُل الأطياف والشخصيَّات والمناصب. أمَّا كُرسي الريحاني، والذي كان يجلس عليه في مسرحه، قبل أن يدخل إلى خشبة المسرح، فقد وصل إلى جمعيَّة مُحبي الريحاني بالإسكندريَّة، التي أسستها جينا الريحاني. أمَّا في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بحي الزمالك، فلم يتم العُثور إلَّا على بعض من مخطوطات أُصول مسرحيَّاته بِخط يده، هو وبديع خيري؛ في حين يحتفظ جامع المقتنيات المعروف علوي فريد في متحفه الخاص بمدينة فايد بإسطوانات صوتيَّة لعدد من مسرحيَّات كشكش بك لِنجيب الريحاني
زوجاته
تزوج من الراقصة اللبنانية بديعة مصابني، التي أُعجب بجمالها بعد عدة لقاءات فنية وعاطفية بينهما. وطالعت مجلة التياترو جمهورها بعددها الصادر في سپتمبر) عام 1924 بخبر زواج قطبي الرقص والكوميديا بديعة حبيب مصابني ونجيب إلياس الريحاني بكنيسة السرايا. وقد حمل العقد توقيع الريحاني باللغة العربية، بينما وقعت العروس بالحروف اللاتينية. كما نشرت المجلة تقريرًا عن العروسين ملحقًا بصورة زفافهما، وفيها ظهر الريحاني بادي النحافة واقفًا بجوار عروسه ذات الفستان والطرحة البيضاء.
وبعد الزفاف سافر العروسان مع فرقتهما إلى أمريكا الجنوبية لتقديم عروضًا مسرحية هناك، إلا أن السعادة الزوجية بينهما لم تدم طويلًا؛ فالخلاف بينهما كان واضحًا، حيث كانت بديعة اقتصادية والريحاني مسرف، هي سيدة أعمال وهو فيلسوف، هي تحب حياة الأسرة وهو يعشق الانطلاق، بالإضافة إلى عدم قدرتهما على الإنجاب مما دفع بديعة إلى تبني فتاة يتيمة صغيرة تُدعى جولييت وأعطاها الريحاني اسمه رسميًا، ومع ازدياد الخلاف بينهما طلبت الزوجة الطلاق، حيث آثرت الاهتمام بفنها، وحاول الريحاني إرضائها بشتَّى الطُرق، ولكن دون جدوى. ثم عاودا الارتباط لفترة لينتهي بهما الحال إلى الطلاق إذ كانت بديعة تعتبر الزواج عائق بوجه طموحاتها وأن غيرة نجيب الريحاني تزيد الطين بلة. حيث لجأ الطرفان إلى الكنيسة بالقاهرة لتطليقهما، وهو ما تم رفضه بشدة لأن المذهب الكاثوليكي لا يسمح بالطلاق. فاتفق الزوجان على استمرار الزواج، ولكن شريطة الانفصال الجسدي بينهما بناءًا على طلب بديعة، واضطر الريحاني إلى قبول شرطها. وتركت بديعة بعد ذلك بيت الزوجية وفرقته المسرحية، لتؤسس صالتها الليلية التي حققت بها نجاحًا مذهلًا واستقطبت من خلالها العديد من النجوم مثل: محمد فوزي وإبراهيم حمودة وإسماعيل ياسين وغيرهم.
كما تزوج الريحاني أيضًا من نجمة الاستعراضات بفرقته، لوسي دي فرناي، الفرنسية من أصل ألماني، بين عامي 1919 و1937م، في شقة بحي هيليوپوليس،
وأنجب منها ابنته جينا، ولكنها نُسبت في الوثائق إلى شخص آخر، كان يعمل ضابطًا في الجيش الألماني بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني.
حقيقة إسلامه
بعد ساعات من رحيله، دخل محرر آخر ساعة شقته بعمارة الإيموبليا ليسجل ما بقي من أغراضه، فوجد أربعة وأربعين بذلة وعشرين بيجامة وجلبابًا وخمسة عشر حذاءً، ومصحفًا وإنجيلًا وصورة للقديسة تريزا، التي كان يتخذها شفيعة له، إضافة إلى مذكرات تشرشل بالفرنسية وكتاب حسن البيان في تفسير مفردات القرآن، وألفية ابن مالك
وبعض مسرحيات روايات لشكسبير. بالإضافة إلى وجود كلبته ريتا، التي امتنعت عن الطعام حزنًا على فراقه، وما لبث إلَّا أن نفقت بعده بيومين أو ثلاثة.
وعن وجود القرآن في منزله وإلى جانب منضدته بالمستشفى، أشار الفنان التشكيلي حمدي الكيَّال نقلًا عن بديع خيري أن الريحاني أخبره أنه سيُشهر إسلامه قبل وفاته وأنه قرأ جميع الكُتب السماويَّة وقرَّر أن يُشهر إسلامه. وأردف قائلًا عن وجود نسخة من القرآن على المنضدة المجاورة لسريره في المستشفى قبل وفاته. وأشار إلى أنه سأل شيخ الأزهر حينها عن موقف الريحاني، حيث أخبره بأنه تُوفي مسلمًا،
فيما أكدت ابنته جينا أنه مات مسيحيًا، وأنها تعرف والدها أكثر من أي شخص آخر، فنفت حقيقة إشهاره لإسلامه وأنها ما هي إلا مجرد إدعائات يُروجها بعض المُتخصصين في هذا النوع من التفضيل بين الأديان في مصر بصورة عُنصريَّة تعتمد المُنافسة بين الأديان كأُسلوب حياة
وتبقى مسألة إشهار الريحاني إسلامه مُبهمة رُغم تعدد الأقاويل.
شهيرة النجار