أرشيفخبطات صحفية

شهيرة النجار تكتب: مجاملات ومخالفات إدارية بالجُملة فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا

شارك المقال

«الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا».. عنوان عريض لما يبدو أنه «كيان جامعى»، غرضه الأول والأخير هو التعليم، لكن ما تشهده الأكاديمية من «مخالفات» و«مجاملات» – فى ظل قيادتها الحالية – يدفعنا إلى فتح الملف، خاصة أنه تتوافر لدينا عشرات الوثائق، التى تثبت هذه المخالفات.

وما بين «مجاملة» سمير سامى عنان، الذى يشغل منصب نائب رئيس الأكاديمية، والرواتب «الفلكية» لرئيسها الحالى إسماعيل عبدالغفار، وبقية قياداتها، تدور أبرز تلك المخالفات.

الغريب أنه عندما تثار تلك القضية، يرفع مسئولوها شعار: «الأكاديمية تابعة لجامعة الدول العربية»، متناسين أنها – رغم ذلك – تقع على أرض مصرية، واختيار رئيسها يكون بترشيح من وزير النقل المصرى، صاحب الكلمة الأولى فى تعيينه، وهو ما يجعلها فى نهاية الأمر تخضع لكل الأجهزة الرقابية والأمنية للبلد الموجودة به، وهو مصر.

سمير عنان نائبًا لرئيسها.. وترقية قريب أبوالغيط قبل المعاش بـ6 أشهر

البداية عند سمير سامى عنان، الذى تم انتخابه رئيسًا لحزب سياسى هو «مصر العروبة»، رغم أنه يشغل منصب نائب رئيس الأكاديمية، التابعة للجامعة العربية، فى الوقت الذى تحظر فيه الأخيرة على العاملين بهيئاتها تقلد أى منصب سياسى.

ورغم أن رئيس الأكاديمية نفسه أكد رفضه تقلد أى من العاملين فيها منصبًا سياسيًا، وفقًا لقانون الجامعة العربية، فإنه لم يمنع جمع «عنان الابن» بين المنصبين: «رئيس حزب – نائب رئيس الأكاديمية».

ولعل ذلك هو ما دفع أحد المحامين لتوجيه إنذار إلى الدكتور أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وإلى رئيس الأكاديمية إسماعيل عبدالغفار، طالب فيه بإنهاء خدمة سمير عنان، وإعفائه من منصبه كنائب رئيس الأكاديمية.

وجاء فى الإنذار أن المذكور يشغل منصب نائب رئيس الأكاديمية، التابعة للإدارة العامة لمنظمة جامعة الدول العربية، للعلاقات العربية والدولية، بموجب القرار رقم «٧٦١» لسنة ٢٠١٢، لافتًا إلى أن الأكاديمية تعد منظمة تعليمية متخصصة فى العلوم والتكنولوجيا.

وفى نوفمبر ٢٠١٤، وفق الإنذار، تم انتخاب «سمير عنان» رئيسًا لحزب «مصر العروبة الديمقراطية»، وهو ما يتعارض تمامًا مع المادة السادسة بالفصل الثانى للائحة التنفيذية لجامعة الدول العربية، التى تحظر على موظفيها – ويعد سمير سامى عنان واحدًا منهم – ممارسة أى نشاط حزبى يتعارض مع حياد واستقلالية المنظمة.

وبمناسبة الحديث عن نجل «عنان»، يتردد أن زوج شقيقته كان مدرسًا فى إحدى الكليات، وحصل على استثناءات غير مسبوقة سمحت له بالإقامة شبه الدائمة فى الولايات المتحدة منذ زواجه من ابنة الفريق.

ووفق مصادر فإن من بين هذه الاستثناءات، تعيينه «ملحقًا عسكريًا» فى السفارة المصرية بواشنطن، ثم التحق بالعمل فى أحد الأجهزة الأمنية الكبيرة مع ابن شقيقه، بالمخالفة لقواعد التعيين فى هذا الجهاز، إذ كان عمره وقتها ٤٠ عامًا، فى حين أن الحد الأقصى للالتحاق ٢٨ عامًا فقط.

بالتزامن مع هاتين الواقعتين، شهدت الأكاديمية أيضًا، إصدار رئيسها قرارًا بترقية عمرو أبوالغيط، أحد أقارب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، إلى مدير إدارة الخدمات الطبية، وذلك قبل زيارة «الأمين العام» للإسكندرية بأيام قليلة، وذلك فى أبريل الماضى.

الغريب أن قرار ترقية عمرو أبوالغيط – الذى تنفرد «الدستور» بنشره – جاء قبل خروجه على المعاش بـ٦ أشهر، ليثير ذلك كثيرًا من علامات الاستفهام، من بينها: «لماذا لم يجده رئيس الأكاديمية طوال السنوات الماضية كفؤًا لتولى هذا المنصب واستحقاق الترقية إلا عندما تولى أحمد أبوالغيط أمانة الجامعة العربية، وقبل زيارته للأكاديمية بأيام قليلة؟».

وبالبحث عن سبب ترقيته إلى هذا المنصب وتوليه إياه ٦ شهور ثم خرج على المعاش، بدلًا من التجديد له، تبين أن سنه لا تسمح له بذلك التجديد، كما أن خروجه على المعاش بهذه الدرجة الوظيفية «مدير إدرة» يسمح له بمستحقات هذا المنصب، بما تتضمنه من مكافأة ومعاش وغيره.

وكان من الطبيعى – بعد ذلك كله – أن يبعث أحمد أبوالغيط بخطاب شكر – ننفرد بنشره أيضًا – لرئيس الأكاديمية، ما يعكس رضاه التام بعد زيارته التى تمت فى أبريل، وتم ترتيبها مع افتتاح مطعم أسماك فى «المنتزه»، كان مفتوحًا فى الأساس، بالتنسيق مع مدير المراسم، حتى يبدو أمام الجميع أن «أبوالغيط» حضر خصيصًا لافتتاحه.

وبعيدًا عن موقف الجامعة العربية، المثير للحيرة، تظهر مجموعة من الأسئلة، التى ينبغى توجيهها إلى وزير النقل – بصفته المسئول الأول عن تعيين رئيس الأكاديمية – فى مقدمتها: «أما آن الأوان للنظر فى كثير مما يحدث داخلها؟».

قرض لشراء قطعة أرض رغم أن الإيرادات بالدولار.. ومخالفات «البرنامج القطرى» لا تنتهى

رغم أن أسعار الالتحاق بالأكاديمية باهظة، وتدر أموالًا طائلة، ويحصل أساتذتها على رواتب ضخمة بالدولار، يتردد أن الأكاديمية حصلت على قرض من أحد البنوك الشهيرة لاستكمال تسوية أرض فى «القرية الذكية» بمدينة «السادس من أكتوبر».

وتتنوع القصص عن حقيقة هذه الأرض، وتدور حول أنه تم شراؤها، وظلت ٣ سنوات دون استلامها، رغم دفع مبلغ مالى ضخم يتعدى ٥٠ مليونًا آنذاك، ثم تم تأجير مبنى فى «القرية الذكية» بـ٥ ملايين سنويًا، وتسوية الأرض مع ذلك المبنى فى وقت لاحق، وهو ما دفع الأكاديمية للاقتراض لاستكمال الشراء.

وتتضمن قائمة «المخالفات» الأخرى التى شهدتها الأكاديمية، تعيين زوجة وزير التعليم العالى رغم تخطيها سن المعاش، فضلًا عن وجود مجاملات لأبناء وأقارب وزوجات كثيرين، نحتفظ بأسمائهم.

وتضم القائمة كذلك ما يعرف باسم «البرنامج القطرى»، وهو الخاص بالتحاق الطلاب القطريين، ما فوق سن الأربعين، وهو الملف الذى يلعب فيه خالد حنفى، وزير التموين السابق، والمستشار الحالى بالأكاديمية، دورًا كبيرًا، وسط أقوال عن أن قيمة الشهادة التى يحصل عليها الطالب الواحد تصل إلى ١٠٠ ألف دولار.

ويستدعى ذلك تشكيل أجهزة الدولة لجنة محايدة للتحقيق فى هذا الملف، وفحص الشهادات الممنوحة لطلاب قطر بعد سن الأربعين، ولدينا شهادتان لطالب بتسجيل واحد، إحداهما شهادة عادية، والثانية لا تؤهله للدراسات العليا.

المثير فى الأمر أن أمير قطر تميم بن حمد، حصل على شهادة من الأكاديمية فى ٢٠١٢، قبل توليه الحكم.

قائمة المخالفات لم تنتهِ بعد، وكان محمد خير عبدالقادر، مدير المنظمات العربية فى جامعة الدول العربية، السودانى الجنسية، والذى يرأس قانونًا رئيس الأكاديمية، بطل إحداها، إذ تم تكريم نجله، الحاصل على تقدير «جيد» فى كلية إدارة الأعمال «قسم إنجليزى»، فى الاحتفال الخاص بالخريجين، وتوفير «منحة» له، ولم تتم معاملته بالمثل مع زملائه الحاصلين على تقديرات أعلى.

الغريب أن هذا الطالب سخر من الرئيس المصرى على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».

صحيح أن العاملين فى الأكاديمية يحصلون على تخفيض عند التحاق أحد أبنائهم أو أحفادهم، وكذلك العاملون فى جامعة الدول العربية، وهو ما ينطبق على «عبدالقادر»، إلا أنه استشعر الحرج، ورفض الحصول على «المنحة».

ما كشفناه لا نرغب من خلاله تعليق «المشانق» لسمير سامى عنان، وما نريده فعليًا هو تطبيق القانون دون محاباة، وهو ما يستدعى سؤال رئيس الأكاديمية: «لماذا تخطيت اللوائح والقوانين ووافقت على ذلك الوضع المخالف؟».

وينبغى على المسئولين عن الأكاديمية الرد على كل التساؤلات التى تُثار فى الشارع، خاصة أن الأكاديمية صرح تعليمى عريق، لها فروع فى كل الدول العربية تقريبًا، وعندما وقعت مصر اتفاقية السلام تم نقل مقرها الرئيسى إلى تونس ثم الإمارات، حتى عادت مرة أخرى.

وأصبحت الأكاديمية، بجهود أبناء الإسكندرية، وعلى رأسهم الدكتور جمال مختار، تمتلك كليات فى غاية الثقل التعليمى، حتى إن الدولة فى السنوات الأخيرة أصبحت تختار مِن أساتذتها من يتولون مناصب وزراء، من بينهم يسرى الجمل وزيرًا للتعليم، وخالد حنفى للتموين سابقًا، إلى جانب محافظ دمياط الحالى.

وسوم