حلت في 18 يناير 1955 ..وفاة الفنان الإنسان سليمان نجيب .. وكنت اود الكتابة عن تلك الشخصية الثرية فنيا وإنسانيا
ولكن الوقت كان ضدي
ورغم ذلك قررت نشر ما جهّزته لتلك الشخصية الفريدة
يعد من أجمل فناني الزمن الجميل .. علم وثقافه وأصل وأخلاق وخفة دم ..
ولد سليمان نجيب فى 21 يونيو 1892 لاسرة أنجبت العديد من الشخصيات المرموقه فهو ابن الأديب مصطفى نجيب الذي عني بتربيته وتثقيفه، فنشأ وفي روحه نزعة فطرية نحو الفن والتمثيل وخاله هو أحمد زيور باشا والذى تولى رئاسة وزراء مصر مرتين فى عهد الملك فؤاد ..
بدأ حياته الفنية بكتابة المقالات في مجلة الكشكول الأدبية تحت عنوان مذكرات عربجي ..
تخرج فى كلية الحقوق وعمل موظفاً بسكرتارية وزارة الأوقاف، ثم نقل إلى السلك الدبلوماسى وعمل قنصلا لمصر في السفارة المصرية باستانبول، إلا أنه عاد إلى مصر والتحق بوزارة العدل وعين سكرتيراً فيها ..
شغل أيضا منصب رئيس دار الأوبرا الملكية فى سنة 1938، وكان أول مصري يتولى هذا المنصب وحصل على لقب ” بك ” من الملك فاروق ..
كما عمل في المسرح وفي السينما وتألق نجمه وكان بطلا في كل الأدوار التي مثلها، ورغم أن مرتبه كان كبيراً وارباحه كثيرة فإنه لم يدخر شيئاً كما لم يفكر في الزواج، وقد فضّل ان يعيش برفاهية وأن يفعل ما يريد دون أن يسبب لشريكة حياته أي نكد، كما أن فقره إلى المادة في بداية حياته كانت من العوامل على نفوره من الزواج كيلا ينجب أولاداً يعانون من الفقر ..
يعد دوره فى فيلم غزل البنات عام 1949م أشهر أدوراه .. والآنسة حنفي وكل أدواره مع محمد فوزي علامات فنية
لم يتزوج ولكن كان لخادمه ٣ أولاد تكفل سليمان نجيب بحياتهم وتعليمهم وبياخدهم للمستشفى لو تعبوا ويشتري لهم الدوا بنفسه ..
كان الخدم الخاص تقريباً أصحاب البيت وهو اللي كان ساكن فيه كده عايشين كانهم الملاك بحب منه وعشم فيه ، ياكلوا من اكله ومعاهم نسخ من المفاتيح يدخلوا ويخرجوا اي وقت ..
لما يغضب منهم يسيب البيت ويخرج ويقولهم أنا خارج وسايبلكم البيت .. ولما يرجع يقولهم انا جيت ارجع ولا ادخل ..
عرف من الطباخ انهم بيبنوا جامع في بلدهم والموضوع واقف بسبب الفلوس دفع مبلغ من جيبه وراح واتوسط وجاب اعانه ٣٨٦ جنيه من الاوقاف للمسجد ..
الداده الخاصة به كانت مثل والدته .. فلما توفيت رفض اهله انها تدفن مع والدته لانهم يروا بنظرتهم. انها خادمة حتى لو كانت هي اللي قامت بتربيته
وكان مسافرا وقتها
اتصلوا به ولما عرف قال لهم ” تدفن مع امي طبعا هو في بيه وباشا في الموت كلها نومه واحده .. عجايب عليكم ياناس عجايب ” ..
عندما توفى أوصى بسيارتة للسواق .. والمطبخ والسفره للطباخ وباقي الأثاث لدار الاوبرا المصرية اللي كان هو رئيسها ..
الغريب ان يوم وفاته كان شفيقه مسافرا خارج مصر .. فطلب من صاحب سليمان نجيب يشرف على الجنازه .. ويكتب فواتير بكل قرش تم إنفاقه حتي يعود من السفر .. وفعلا فعل ذلك
ولما عاد مصر قابله في بيت سليمان وقدم له فواتير بمصاريف الجنازه بالضبط وكانت ٢٩٩ جنيه وقرش واحد ،
اخرج شقيقه دفتر الشيكات حتي يكتب له شيك بهم فحضر الخادم
وقال له : يابيه في مبلغ كان شايله سليمان بيه في الدولاب لمصاريف جنازته .. ذهب شقيقه وفتح الدولاب ووجد فلوس فكه كتير .. اخرجها وعدوها طلعت بالضبط ٢٩٩ جنيه وقرش واحد .. نفس مصاريف الجنازه!! ..
تعجب الجالسون وامسكوا الفلوس يعدونها مرة آخري
ويراجعوا الفواتير تاني وتطلع نفس المبلغ .. ويقولوا مش ممكن الفلوس بالضبط ..نفس مصاريف جنازته !!
الخير اللي عمله في حياته ستره حتى في مماته !
سبحان الله زي مايكون مش عايز يداين لحد .. بعد موته حتى لو اخوه ..
تبني موهبة تحيةً كاريوكا ووجد فيها مشروع نجمة سيدة مجتمع علمها فن الاتيكيت
وآداب الطعام. والكلام واللغات. وكان يقول في مكان يذهب بها اليه انها ابنته
وسوف تكون ذات شأن فهي مصرية حتي النخاع. وستغير مفهوم الرقص في مصر
وقد كان
ولما توفي كانت صدمة كبيرة لها وتلقت العزاء فيه وظلت شهورا في حالة حداد
قصته مع زينب صدقي
قصة وصية زينب صدقي التي أعطتها لـ سليمان نجيب
جمعت الصداقة بينهما، خاصة أن هناك صفة واحدة جمعت بينهما وهي الوحدة، فكل منهما لم تكن في حياتهما أسرة أو أهل، واستمرت الصداقة بينهما أكثر من عشرين عامًا .
ذهبت زينب صدقي إلى منزل سليمان نجيب في 15 يناير عام 1955 وهي متأثرة جداً وتشعر بأنها ستموت قريبا، فقد أصبحت ترى الموت في منامها و تسمع يومياً بموت ناس تعرفهم كانت جالسة معهم في أمان الله، وفجأة تسمع بموتهم صباح اليوم التالي فهدأ من روعها وضحك سليمان نجيب وقال لها: “معقول يازينب إنتي جايه لي مرعوبه في نصف الليل عشان كده.. إزاي ده العمر واحد.. ده إنتي شكلك اللي هتعمري فينا وإحنا إللي هنموت”، وظل يمزح معها كعادته وهي مازالت عند قلقها، وصممت أنها لن تذهب لمنزلها إلا و تعطي لسليمان نجيب وصيتها، وبالفعل وامام إلحاحها أخذ سليمان نجيب وصية زينب صدقي مغلقة وقالت له متفتحاش إلا بعد ما أموت”.
وكان معروف عن سليمان نجيب أنه أخ وصديق الكل، فكان كل الفنانين والفنانات يلجأون له في حل أزماتهم ومشاكلهم حتى كان يقال عنه “بيته مالوش باب”، من كثرة من يلجأ له ومن يحتاجه يجده، بل ولا يخرج من عنده إلا ومشكلته تم حلها.
وفي 18 يناير من نفس العام أي بعد ثلاثة أيام من تاريخ زيارة زينب صدقي لمنزل سليمان نجيب، تصدر خبر وفاة فقيد الفن وفقيد الإنسانية وفقيد مصر سليمان نجيب بدون أن يشكو من أي مرض.
وكانت فاجعة كبيرة لكل المصريين وكل زملاؤه، خاصة زينب صدقي التي وقعت مغشية عليها وكلما فاقت يغشي عليها مجددا، وظلت تحت العناية طوال خمسة عشر يوماً متواصلة، تلازمها فردوس محمد وفاتن حمامة وشادية ومديحة يسري، حتى استعادت عافيتها وعادت إلى حياتها الطبيعية، ولكن ظلت تبكي سليمان نجيب الأخ و الصديق والإنسان حتى آخر يوم في عمرها الذي صدق فيه نبوءة سليمان نجيب فقد ودعت كل جيلها من الفنانين والفنانات، وماتت في دار المسنين بعد ما جاوز عمرها 98 ، في مايو 1993 لتعد الفنانة الأطول عمرا في تاريخ الفن العربي
حكايته مع جمال عبد الناصر
في يوم ذهب لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر فقابله مدير مكتبه صلاح الشاهد ووعده يبلغ عبد الناصر
في اليوم التالي ذهب وقال له اما عجايب جمال عبد الناصر ولا ربنا؟
فتعجب الشاهد من كلامه وقال له ما وجه الشبه؟
فرد سليمان نجيب انه يستطيع مقابلة الله في ثواني لو أطلق علي نفسه رصاصة الان لكن لايستطيع مقابلة عبد الناصر
ضحك الشاهد ودخل ابلغ عبد الناصر بما دار فضحك عبد الناصر وكان في اجتماع قطعه وطلب ادخال سليمان نجيب
وكان طلبه ان يحضر له عرض مسرحيته الأخيرة
ووافق عبد الناصر
وفي اليوم التالي حضر ناصر وصلاح الشاهد
وابدع سليمان جدا علي المسرح وشكر عبد الناصر
في اليوم التالي توفي عبد الناصر
فحزن جدا وأمر ان ينوب عنه صلاح الشاهد حضور مراسم الجنازة والعزاء
ولما ذهب لبيته وجد الجميع يبكون ويعددوا محاسنه
بحث عن احد من اسرته للتعزية لم يجد حيث كان شقيقه مسافرا
وعرف ان محمد سلطان باشا هو من دفع مصاريف الجنازة
رحم الله الجميع
شهيرة النجار