سيدات مجتمع كبيرات ومليارديرات شهيرات أصولهن يهودية ومازلن.. ولكن
“ما تقفلى الملف دا.. عليك منه بأيه اكتبى لنا عن مذكرات الفنانات“. هكذا قال لى أحدهم فعرفت أنى أسير فى طريق ألغام والأمر جد خطير، فما كنت أتوقع كل هذه الردود والتجاوب الكبير من السادة القراء، وكذلك ما كنت أعتقد وأنا أسطر سطورى أننى أدخل عش الدبابير، وأننى أنفض أكوامًا من التراب وهالات الزمن التى خبأت تحتها أسرارًا، أعتقد البعض أنها ماتت ونسيها الناس من حولهم كنوع من الرهان على ذاكرة الإنسان الناسية دائما، ولكن كما يقول المثل «بتيجى على أهون سبب»، سمعت من كثيرين ما لم يستوعبه عقلى، خاصة أن أبطال تلك الحكايات أناس أعرفهم وربما أصدقاء لى، ولكن اكتشفت أننى لا أعرف شيئًا سوى القشور، وما هم يريدون فقط أن يعرفه الناس عنهم من هالة اجتماعية فى إطار معين، ومن يحاول أن يعرف أكثر أو يخترق الخط المرسوم لن يجد سوى الصد، وإن تجرأ ربما كان مصيره مظلمًا.
فى الحلقة السابقة توقفت معكم عند بقية حديث صديقتى التى لها صلة مباشرة بحكم مكانتها الاجتماعية بعدد لا بأس به من اليهود، وتحدثت إليها لأسألها عن السيدة التى نادى شقيقها اليهودى باحثًا عنها، ولما توصلت لاسم السيدة الإسلامى، وليس الذى كان قد كتبه الأخ غير الشقيق وهى ليست فزورة، قالت أيضًا: إنها لا تعرفها، واستطردت فى الحديث، حيث ألقت لى بحديث عن أن بعضًا من اليهود المقيمين بالإسكندرية يتخفون فعلاً وراء أسماء ديانة إسلامية أو مسيحية.
- المشهد الحادى عشر
انطلق لسان صديقتى المخضرمة قائلاً: تعرفى فلان الفلانى طبعًا.. فقلت لها: دا صديقنا. فقالت: الناس بتقول عليه يهودى وأن الاسم أصلاً يهودى، بدليل لو حاولتى الحديث معه فى تفاصيل المسيحية التى هى ديانته الرسمية لن تجدى ردًا مقنعاً. ورغم أننى لا أحب الدخول فى مود الديانة والسياسة فقلت لها: صحيح حتى إنه لا يدخل كنيسة. وأكملت صديقتى: إنه لا يحبها منذ آخر لقاء بينهما من كام وعشرين سنة عندما التقت به فى إحدى سهرات العجمى، وقالت له كان أخوك أحسن واحد فى إسكندرية يفصّل أحذية كلها فى محل بشارع الإذاعة الشهير بباكوس فى ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، دا حتى أنا رحت له مع شقيقتى لتحضير أحذية زفافها الذى كان سيحضره عبد الناصر بنفسه، فقلنا لازم أحذية شيك يبقى مفيش غير أخوك.. هنا والحديث لصديقتى، اكفهر وجه الرجل وسلم وتركها. فسألتها: لماذا؟ قالت: لأنه لا يحب أن يذكّره أحد بأن له شقيقًا إسكافيا (صانع أحذية نطلق عليه بالبلدى جزمجى) مع إن والله يا شهيرة كان أحسن واحد فى مصر كلها، وتأتى له فنانات السينما مديحة يسرى وليلى مراد وشادية وبنات العائلات الكبرى، وكل الجالية اليونانية والأرمنية واليهودية بالإسكندرية من الأثرياء زبائن عنده، يعنى لم يكن الحصول على حذاء مصنوع من يديه أمراً سهلاً وتأخذى مواعيد، وكان الحذاء فى الخمسينيات عنده حسب الموديل بـ «25» جنيهًا يعنى عشرة آلاف جنيه النهاردة، وكان اسمه ماركة مسجلة ونال شهرته رغم ضيق المحل الملاصق لإقطاعية الأمير عمر طوسون التى تحولت لمبنى إذاعة وتليفزيون إسكندرية الآن، وكان الناس وقتها يقولون إن هذا الاسكافى يهودى شقيق فلان الفلانى صديقنا الحالى الملياردير الأشهر ليس فى الإسكندرية بل فى العالم العربى والعالم أجمع. قلت لها: وماذا بعد؟ قالت: بس يا ستى ده كل ما أعرفه أو أسمعه عن يهود بأسماء مسيحية.
الحقيقة إن تلك المعلومة تحديدًا حملتها واتجهت بها لأحد الأصدقاء المخضرمين من الأقباط (نزلت له مخصوص) أسأله، فقال: الحقيقة إحنا بنسمع كدا من زمان خاصة أن ليس له أى نشاط دينى ولا يحب الذهاب للكنائس، ودائم السفر لإيطاليا وبلدان أخرى، وسألته عن السيدة المسلمة التى نادى يهودى سكندرى الأصل عبر السوشيال ميديا باحثًا عنها وكاتبًا أنها شقيقته، فقال: ممكن أسأل لك فلان صديق ابنها الأصغر لأنه جارى. فقلت له: أنا كلمته وليس لديه أكثر من الذى قاله.. حتى إنه تساءل معى ووضع احتمالية أن يكون اليهودى هو خالهم من الأم ولا يحبون الإفصاح لأن كل عائلة فيها أسرارها التى لا يجب أحد الاقتراب منها، وتساءلنا بصوت عالٍ: لماذا قرر اليهودى البحث عنهم عبر السوشيال ميديا وليس بطريقة أخرى مثل السؤال عن الأخت فى المعبد اليهودى خلال زيارته للإسكندرية فى 2011 عندما حنّ للجذور وحاول رؤية قصرهم القديم فى الأزاريطة الذى تحول حاليا لمبنى قنصلية لإحدى الدول الأوروبية، وتصورنا أنه ربما كان على اتصال أو أن الرجل يريد منهم أن يتابعوا له قضايا يفكر فى رفعها لاسترداد أملاكه وهم رفضوا، فحاول إحراجهم عبر السوشيال ميديا حتى يتحدثوا معًا ويتفاوضوا، كل هذه سيناريوهات أو ربما اليهودى خالهم كما كان حديثه قبل النفي، ويوجد ميراث من جهة أمه وهو يريده، كلها أحاديث واردة واحتمالات مفروضة فى ظل التعتيم ورفض الطرف الموجود فى مصر إلا تأكيد أنهم مسلمون وهذا اليهودى مجرد صديق لجدتهم من والدتهم لا أكثر، وهى رواية كتبها لى اليهودى بعد ذلك.
- المشهد الثانى عشر
هل اليهودى يريد العودة لمصر واستعادة أملاكه بها؟
سؤال سألته لصديقتى محدثتى فقالت: وليه لأ أنا أسمع منذ فترة طويلة من قبل ثورة يناير أن اليهود يشترون بنهم شديد لعمائر شارع النبى دانيال الكائن فيه المعبد اليهودى «سيناجوج» من بابها، بل امتد الأمر لشراء عمائر كاملة فى منطقة وسط محطة الرمل القديمة فى شوارع السلطان حسين وفؤاد والشوارع الجانبية الكثيرة التى كانت مركز التجارة والسكن لأثرياء اليهود واليونانيين والإيطاليين والأرمن بالثغر، قلت لها: تبقى كارثة يعنى اليهود وهم بالخارج يحاولون الآن فعل ما فعلوه فى فلسطين قبل 1948 عندما كانوا يشترون بيوت الفلسطينيين وبأعلى من سعرها ومسجلة، وفجأة استيقظ الفلسطينيون فوجدوا أنهم باعوا بأنفسهم بيوتهم لليهود وقبضوا الثمن، ردت صديقتى: ده اللى سمعته بيحصل فى الخباثة. قلت لها: مفيش فى الكلام دا هزار ولا خباثة مؤكد لو مصرى باع ليهودى وراحوا يسجلوا فى الشهر العقارى، موظف الشهر العقارى أوتوماتيك سيبلغ الجهات المختصة لأن دى أمور تدخل فى أمن الوطن، إلا إذا كان الموظف «…..» أم إن اليهود يجعلون وجوهًا أخرى هى التى تشترى لهم وتكون فى الواجهة وهم خلفها مثل محامين مثلاً، ردت الصديقة: الله أعلم بالحقيقة.
لا أخفى عليكم أن كلامها الخاص بشأن شراء اليهود لعمائر محطة الرمل أزعجنى جدًا، بل قبض قلبى وانتفضت وقررت أن أنزل بنفسى للمنطقة وأبحث عن المحلات التى كانت ملكًا ليهود ولجاليات أخرى بالشارع، وأسأل عددًا من المحامين المخضرمين الذين لا يخرجون المعلومة إلا بالكاد، خاصة مع هذا الملف الخطير، وبالفعل نزلت شارع النبى دانيال أربع زيارات متتالية وجلست مع بعض المحامين الذين يملكون معلومات وصلات قوية بكل الأطراف، ليكون الحديث الأكثر تشويقًا الحلقة السادسة بإذن الله.
شهيرة النجار