هو العلامة المحدث الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن هبة الله الأموي الإسكندراني ابن البوري. ولد في ذي الحجة سنة 679 هـ كما قال الحافظ بن حجر في “الرر الكافية” وسمع من محمد بن عبد الخالق بن طرخان جامع الترمذي رووي عنه الحافظ العراقي وتوفي بالإسكندرية سنة 767 هـ وقبره داخل مسجد بشارع إسماعيل منها رقم 51 بحي اللبنان.
وقد قام بعض الشباب على تسوية القبر بأرض المسجد حتى لا يظهر القبر عند أداء الصلاة، ظنا منهم أن وجود القبر داخل المسجد يفسد الصلاة وهذا الظن خطأ لم يقل به أحد من أئمة المذاهب الإسلامية الأربعة المعمول بها في سائر بلاد الإسلام:
1- قام فقهاء مذهب أبي حنيفه رضي الله عنه: تكره الصلاة في المقبرة إذا كان القبر بين يدب المصلي بحيث لو صلي صلاة الخاشعين وقع بصره عليه. فإن كان القبر خلف المصلي وهو مستقبل القبلة فلا كراهة.
2- قال فقهاء مذهب الإمام مالك رضي الله عنه: الصلاة في المقبرة جائزة بلا كراهة إذا خلت من النجاسة.
3- قال فقهاء مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه: تكره الصلاة في المقبرة غير المنبوشة سواء كانت القبور أمامه أو خلفه أو على يمينه أو على شماله، أما الصلاة في المقبرة المنبوشة بلا حائل فباطلة لوجود النجاسة بها.
4- قال فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: أن الصلاة في المقبرة التي تحتوي على أقل من ثلاثة قبور صحيحة بلا كراهة إذ لم يستقبل المصلي القبر، وإن استقبله كانت الصلاة مكروهة.
ومن هنا يعلم أن من قال إن الصلاة في المسجد الذي فيه قبور باطلة فهو يخطئ ويدخل في قوله ﷺ (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار). قال الحافظ بن حجر في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) نقلاً عن الإمام البيضاوي ما نصه: “لما كانت اليهود والنصاري يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوا أوثانا، لعنهم الله ومنع المسلمين عن مثل ذلك، فأما من أتخذ مسجداً في جوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له، ولا التوجه نحوه، فلا يدخل في ذلك الوعيد أ.هـ.
ومن هذا أن قول النبي ﷺ (لعنة الله على اليهود والنصاري أتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) معناه أن السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان هو شرك صريح، وهذا المعني هو منطوق لفظ الحديث وحقيقته. ومن أراد المزيد من العلم في هذا الموضوع فعليه بكتاب (إحياء القبور من أدلة استحباب بناء المسجد والقباب على القبور) للإمام الحافظ أبي الفيض أحمد الصديق وكتاب (إعلام الراكع الساجد بمعني اتخاذ القبور مساجد) لشيخنا العلامة المحدث الكبير أي الفضل عبد الله الصديق الغماري وبالله الهداية والوفيق.
شهيرة النجار