التاريخ والجذور والهوية لا تقدر بثمن.
ممكن نفرط فيهم بمزاجنا، لكن ماظنش يمكن الاستيلاء عليهم بالمال أو القوة أو النفوذ مهما طال الزمن؟

يوافق شهر فبراير ذكرى وفاة المؤلف الافرو -أمريكى أليكس هيلى. صاحب رواية “الجذور” التى تحولت لمسلسل من أشهر المسلسلات الأمريكية فى السبعينات. مسلسل أدى لشهرة الرواية وكاتبها. تتبع فيها المؤلف هوية وجذور عائلته فى أحداث تجمع بين الواقع والخيال. وما تعرض له ما يقرب من مليون ونصف المليون إنسان من إفريقيا من تجارة رقيق وبيعهم لأمريكا.

ولمن لم يقرا القصة أو يشاهد المسلسل، فإن “كونتا كينتى” هو الشخصية المحورية. أفريقي مسلم من دولة جامبيا . تم ألتقاطه سنة ١٧٦١م وعمرة ١٨ سنة هو وآخرين وبيعهم لتجار الرقيق الأوروبيين. ثم تم ترحيلهم إلى “انابوليس” فى أمريكا بعد ان ألقوا بهم مغللين بالجنازير فى أقفاص كالحيوانات فى قاع سفينه لتعبر بهم الأطلنطي. مات منهم من مات فألقى بهم في المحيط طعاماً للأسماك.

وبعد وصول السفينة لأمريكا تمت المزايدة عليهم، فإشترى صاحب مزرعة بطل القصة، لكنه ظل طوال حياته رافضاً العبودية والقهر أو تغيير هويته إلى أمريكى. رافض إسم غير إسمه أطلقه عليه من اشتراه. تحمل التعذيب الشديد وربطه بالحبال وضربه بالسياط وإعاقة قدمه فلم يستطع الهرب الذى كرره مراراً

لكن ظلت عيناه دومًا مصوبتان نحو الشرق حيث موطنه. رفض أكل لحم الخنزير لكونه يتعارض مع عقيدته وفضل الموت جوعًا وبالفعل كاد ان يموت.

وتمضى الأيام ويتزوج من فتاة من عبيد المزرعة وينجب طفلة ويتحمل القهر والاستعباد لكنه لا ينسى وطنه أو هويته أو إسمه.

تمر الأحداث والسنوات ويتغير الزمان والناس ثم تقف إبنته أمام قبره وتحفر عليه إسمه الأصلى «كونتا كنتي» بدلا من الاسم الذى أرغم عليه.

قصة درامية ماساوية تصور معاناة القبائل الأفريقية فى حقبة زمنية إشترى المال آدميتهم وحريتهم. وإستحل حياة شعوب وحضارات.

فى الوقت الحاضر يتذكره الافرو-أمريكيين فى حدث سنوى فى مدينة “انابوليس”. ويتصدر نصب تذكاري له في وسط المدينة. يقف شامخاً معتزا بهويته الأفريقية حتى بعد وفاته بعقود.

ونرى الافرو أمريكان يحققون انتصارات بإسم أمريكا فى جميع المجالات. يحصدون الميداليات والجوائز والألقاب. لكن..

هل يحصلون عليها من أجل إثبات أنفسهم هويتهم، أم من أجل أمريكا الوطن الذى أرغموا عليه.

هل فقدوا هويتهم الأفريقية أم مازالوا يلقبوا بالافرو-أمريكان ويعتزوا بان جاء منهم من يتراس الولايات جميعاً بعد ٢٤٨ سنة من إتحاد هذه الولايات؟

هل كونت أمريكا الحضارة المنشودة التى كانت تصبو لها على حساب حضارات وشعوب من القارة السمراء الفقيرة، ومن قبلهم الهنود الحمر سكان قارة أمريكا الأصليين أم مازالت بلا جذور؟





شهيرة النجار