فهو العابد المبتهل الذي يذوب خشوعاً ويفنى حُبّاً،
وهو المقاتل الصنديد الذي يتعرض لجحافل الموت ثابت القدم وألوف الأبطال والفرسان يفرون أمامه كالجرذان،
وهو المخطط العبقريّ الذي يرسم الخطط فيتفوق على أهل الحرفة،
وهو السياسي الحاذق الذي يحرّك المجاميع ويمسك بمقاليد المشاعر بمهارة المايسترو المبدع،
وهو المحدّث الذي ينطق بجوامع الكلم،
وهو الأب والزوج والصديق،

وهو صاحب الدعوة الذي يقيم نظاماً وينشئ دولة من عدم من قبائل وشراذم متفرقة لا تعرف إلا قطع الطريق والثأر والتفاخر بالأحساب والأنساب،
وهو برزخ الأسرار المكاشف بالملكوت الذي يستمع إلى الله وملائكته كما نستمع نحن بعضنا إلى بعض بالغاً بذلك القمة في علوم الظاهر وعلوم الباطن معاً وفي الوقت نفسه،
وهو الكريم الحليم الودود الرءوف الصبور الباش البسام اللطيف المعشر، لا تمنعه الأعباء الجسام من ملاطفة الطفل والوليد فيحمله على كتفه راكعًا وساجدًا وقائمًا، ولا من مغازلة زوجة في حنان.. لا ينضب لعواطفه معين .. وكأنه يستمد من بحر..
هذه الذات هي المعجزة!
د: مصطفى محمود رحمه الله.
كتاب: مُحمد صلى الله عليه و سلم.
شهيرة النجار