القرءان في ذلك صريح ، فالله يقول لنبيه:
“وَ إنَّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيِمٍ “
لا يقول له و إنك لعلى علمٍ عظيم ، أو على قوةٍ عظيمة ، أو ثراءٍ عظيم أو عبقرية عظيمة ، بل يقول على خلقٍ عظيم و حسب .
و يقول للناس : ” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهِ أَتْقاكُمْ “
لا يقول إِنَّ أكْرمَكُمْ عنْدَ اللّٰه أعلمكم ، أو أغناكم ، أو أكثركم ذكاءاّ أو أكثركم مالاّ و ولداّ أو أكثركم قوة ، بل يقول أتقاكم .
فمقياس القرب من اللّٰه هو مدى التقوي و حسن الخلق .
بل أن العمل الصالح فى ذاته لا يكفي إلا إذا اقترن بالنية الخالصة آلتي تبتغي وجه الله .
أما الخير الذي لا يتجاوز الإعلان عن الذات و السمعة لا يدخل في باب التقوى ، و لا في باب حسن الخلق ، و إنما يدخل في باب الرياء.
الآخرة لله ، لا يفوز بها إلا أهل الله الذين عرفوه ، و مقاييسها مختلفة عن مقاييس الدنيا و لهذا قال الله عن الساعة
أنها خافضة رافعة.
أي أنها تخفض أقواماّ كانوا في أوج العظمة في الدنيا ،
و ترفع قوماّ كان لا ذكر لهم في الدنيا و لا يدري بهم أحد .
أما الفائزون بالدارين ، فهم الذين جمعوا بين خير الدنيا و خير الآخرة ، و اجتمعت فيهم مكارم الأخلاق و درر المعارف ، و هم الأنبياء و الأولياء و من في درجتهم.
أولئك هم المؤمنون ، الشاكرون ، الصابرون ، و أولئك الذين قال الله عنهم ؛ ” وَ قَلِيِلً مَا هُمْ “
د. مصطفى محمود ( من كتاب عالم الأسرار )
شهيرة النجار